صفحة رقم ٢٤٧
) كبائر ما تنهون عنه ) أي من أكل المال والقتل بالباطل والزنى وغير ذلك مما تقدم روى البزار - قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح - عن عبد الله - يعني ابن مسعود - أنه سئل عن الكبائر فقال : ما بين أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين قال الأصبهاني : وكل ذنب عظم الشرع الوعيد عليه بالعذاب وشدده، أو عظم ضرره في الخمس الضرورية : حفظ الدين والنفس والنسب والعقل والمال، فهو كبيرة، وما عداه صغيرة ) نكفر عنكم سيئاتكم ) أي التي هي دون الكبائر كلها، فإن ارتكبتم شيئاً من الكبائر وأتيتم بالمكفرات من الصلوات الخمس والجمعة وصوم رمضان والحج، أو فرطتم في شي ءمنها فمنَّ الله عليكم بأن أتاكم بالمرض ؛ كفر ذلك المأتي به لاصغائر، ولم يقاوم تلك الكبيرة فلم يكفر جميع السيئات، لعدم إتيانه على تلك الكبيرة ) وندخلكم مدخلاً كريماً ) أي يجمع الشرف والعمل والجود وكل معنى حسن، ومن فاته جميع ذلك لم يكفر عنه سيئاته، ولم يدخله هذا المدخل، ويكفي في انتفائه حصول القصاص في وقت ما ؛ وقال الإمام أحمد : المسلمون كلهم في الجنة - لهذه الآية وقول النبي ( ﷺ ) ( ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتى ) فالله تعالى يغفر ما دون الكبائر، فالنبي ( ﷺ ) يشفع في الكبائر، فأي ذنب على المسلمين ذكره عنه الأصبهاني، وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما عن أنس رضي الله عنه.
ولما نهى عن القتل وعن الأكل بالباطل بالفعل وهما من أعمال الجوارح، ليصير الظاهر طاهراً عن المعاصي الوخيمة ؛ نهى عن التمني الذي هو مقدمة الأكل، ليكون نهياً عن الأكل بطريق الأولى، فإن التمني قد يكون حسداً، وهو المنهي عنه هنا كما هو ظاهر الآية : وهو حرام والرضى بالحرام، والتمني على هذا الوجه يجر إلى الأكل والأكل يعود إلى القتل، فإن من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه، والنهي هنا للتحريم عند أكثر العلماء فقال :( ولا تتمنوا ) أي تتابعوا أنفسكم في ذلك ) ما فضل


الصفحة التالية
Icon