صفحة رقم ٢٥٢
والكسى وغيرها ) من أموالهم ) أي عليهن، فصارت الزيادة في أحد الجانبين مقابلة بالزيادة من الجانب الآخر.
ولما بان بذلك فضلهم، فأذعنت النفس لما فضلوا به في الإرث وغيره، وكان قد تقدم ذكر نكاحهم للنساء والحث على العدل فيهن ؛ حسن بيان ما يلزم الزوجات من حقوقهم وتأديب من جحدت الحق، فقال مسبباً لما يلزمهن من حقوقهم عما ذكر من فضلهم ) فالصالحات قانتات ) أي مخلصات في طاعة الأزواج، ولذلك ترتب عليه ) حافظات للغيب ) أي لحقوق الأزواج من الأنفس والبيوت والأموال في غيبتهم عنهن ) بما ) أي بالأمر الذي ) حفظ الله ) أي المحيط علماً وقدرة به غيبتهم بفعله فيه فعل من يحفظ من الترغيب في طاعتهم فيما يرضي الله والترهيب من عصيانهم بما يسخطه، ورعي الحدود التي أشارت إليها سبحانه في البقرة، وشرحتها سنة رسول الله ( ﷺ ).
ولما عرف بالصالحات لاستحقاق الإنفاق في اللوازم أتبعه حكم غيرهن فقال ) والتي تخافونه نشوزهن ) أي ترفعهن عليكم عن الرتبة التي أقامهن الله بها، وعصيانهن لكم فيما جعل الله لكم من الحق، وأصل النشوز : الانزعاج في ارتفاع، قال الشافعي : دلالات النشوز قد تكون قولا، وقد تكون فعلا، فالقول مثل أن كانت تلبية إذا دعاها وتخضع لسه بالقول إذا خاطبها ثم تغيرت، والفعل مثل أن كانت تقوم إذا دخل إليها أو كانت تسارع إلأى أمره، وتبادر إلأى فراشه باستبشار إذا التمسها، ثم إذا تغيرت فحيئذ ظن نشوزها، ومقدمات هذه الأحوال توجب خوف النشوز ) فعظوهن ) أي ذكروهن من أمر الله بما يصدع قلوبهم ويرفقها ويخيفهن من جلال الله.
ولما كان الوعظ موجبا لتحقق الطاعة أو المعصية قال :( واهجروهن ) أي إن لم يرجعن بالوعظ ) في المضاجع ) أي التي كنتم تبيتون معهن فيها من البيت، وفي ضمن الهجر امتناعه من كلامها، قال الشافعي : ولا يزيد في هجرة الكلام على ثلاث ) واضربوهن ) أي إن أصررن ضرب تأديب غير مبرح، وهو ما لا يكسر عظما ولا يشين عضوا، ويكون مفرقا على بدنها ولا يوالي به في موضع واحد، ويتقي الوجه لأنه مجمع المحاسن، ويكون دون الأربعين، قال الشافعي : الضرب مباح وتركه أفضل ) فإن أطعنكم ) أي بشيء من الوعظ، والهجر في موضع المبيت من البيت، أو الضرب ) فلا تبغوا ) أي تطلبوا ) عليهن سبيلا ) أي طريقا إلأى الأذى على ما سلف من العصيان من توبيخ على ما سلف نحوه، بما لكم عليهن من العلو، بل اغفروا لهن ما سلف، ولا يحملنكم ما منحكم الله من العلو على المناقشة، ثم علل ذلك بقوله ) إن الله ) أي وقد علمتم ما له من الكمال ) كان ( ولم يزل ) عليا كبيرا ) أي من العلو والكبر على


الصفحة التالية
Icon