صفحة رقم ٢٦٧
أنه ( ﷺ ) في الحضرة بعد بيان بعدهم - :( انظر كيف يفترون ) أي يتعمدون ) على الله ) أي الذي لا يخفى عليه شيء ولا يعجزه شيء ) الكذب ) أي من غير خوف منهم لذلك عاقبة ) وكفى ) أي والحال أنه كفي ) به ) أي بهذا الكذب ) إثماً مبيناً ) أي واضحاً في نفسه ومنادياً عليها بالبطلان.
ولما عجب من كذبهم دلَّ عليه بقوله :( ألم تر ( وكان الأصل : إليهم، ولكنه قال - لزيادة التقريع والتوبيخ والإعلام بأن كفرهم عناد لكونه عن علم - :( إلى الذين ( وعبر بإلى دلالة على بعدهم عن الحضرات الشريفة ) أوتوا نصيباً من الكتاب ) أي الذي هو الكتاب في الحقيقة لكونه من الله ) يؤمنون بالجبت ( وهو الصنم والكاهن والساحر والذي لا خير فيه وكل ما عبد من دون الله ) والطاغوت ( وهو اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والأصنام وكل ما عبد من دون الله ؛ وكل هذه المعاني تصح إرادتها هنا، وهي مما نهي عنه في كتابهم - وأصله ومداره مجاوزة الحد عدواناً، وهو واحد وقد يكون جمعاً، قال سبحانه وتعالى
٧٧ ( ) أوليائهم الطاغوت يخرجونهم ( ) ٧
[ البقرة : ٢٥٧ ] والحال أن أقل نصيب من الكتاب كافٍ في النهي عن ذلك وتكفير فاعله.
ولما دل على ضلالهم دل على إضلالهم بقوله - معبراً بصيغة المضارع دلالة على عدم توبتهم - :( ويقولون للذين كفروا ( ودل بالتعبير بالإشارة دون الخطاب على أنهم يقولون ذلك فيهم حتى في غيبتهم، حيث لا حامل لهم على القول إلا محض الكفر فقال :( هؤلاء ) أي الكفرة العابدون للأصنام ) أهدى ) أي أقوم في الهداية ) من الذين آمنوا ) أي أوقعوا هذه الحقيقة، فيفهم ذمهم بالتفضيل على الذين يؤمنون ومن فوقهم من باب الأولى ) سبيلاً ( مع أن في كتابهم من إبطال الشرك وهدمه وعيب مدانيه وذمه في غير موضع تأكيداً أكيداً وأمراً عظيماً شديداً.
ولما أنتج ذلك خزيهم قال :( أولئك ) أي البعداء عن الحضرات الربانية ) الذين لعنهم الله ) أي طردهم بجميع ما له من صفات الكمال طرداً هم جديرون بأن يختصوا اللعن الذل ولاصغار، عطف عليه قوله :( ومن يلعن الله ) أي الملك الذي له الأمر كله منهم ومن غيرهم ) فلن تجد له نصيراً ) أي في وقت من الأوقات أصلاً، وكرر لاتعبير بالاسم الأعظم لأن المقام يقتضيه إشعاراً لتناهي الكفر الذي هو أعظم المعاصي بتناهي الغضب.
ولما كان التقدير : كذلك كان من إلزامهم الذل والصغار، عطف عليه قوله :


الصفحة التالية
Icon