صفحة رقم ٢٧٤
كونهم ) يحلفون بالله ) أي الحاوي لصفات الكمال من الجلال والجامل غير مستحضرين لصفة من صفاته ) إن ) أي ما ) أردنا ) أي في جميع أحوالنا وبسائر افعالنا ) إلا إحساناً وتوفيقاً ) أي أن تكون الأمور على الوجه الأحسن والأوفق لما رأينا في ذلك مما خفي على غيرنا - وقد كذبوا في جميع ذلك.
ولما ذكر سبحانه وتعالى بعض ما يصدر منهم من التناقضات وهم غير محتشمين ولا هائبين، قال معلماً بشأنهم معلماً لما يصنع بهم :( أولئك ) أي البعداء عن الخير ) الذين يعلم الله ) أي الحاوي لنعوت العظمة ) ما في قلوبهم ) أي من شدة البغض للإسلام وأهله وإن اجتهدوا في إخفائه عنه، ثم سبب تعليماً لما يصنع بهم وإعلاماً بأنهم لا يضرون إلا أنفسهم قوله :( فأعرض عنهم ) أي عن عقابهم وعن الخشية منهم وعن عتابهم، لأنهم أقل من أن يحسب لهم حساب ) وعظهم ) أي وإن ظننت أن ذلك لا يؤثر، لأن القلوب بيد الله سبحانه وتعالى يصطنعها لما أراد متى أراد ) وقل لهم في أنفسهم ) أي بسببها وما يشرح أحوالها ويبين ونقائصها من نفائسها، أو خالياً معهم، فإن ذلك أقرب إلى ترقيقهم ) قولاً بليغاً ) أي يكون في غاية البلاغة في حد ذاته.
النساء :( ٦٤ - ٦٨ ) وما أرسلنا من.....
) وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ أِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِّن لَّدُنَّآ أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ( ( )
ولما أمر بطاعة الرسول ( ﷺ )، وذم من حاكم إلى غيره وهدده، وختم تهديده بأمر النبي ( ﷺ ) بالإعراض عنه والوعظ له، فكان التقدير : فما أرسلناك وغيرك من الرسل إلا الرفق بالأمة والصفح عنهم والدعاء لهم على غاية الجهد والنصيحة، عطف عليه قوله :( وما أرسلنا ) أي بما لنا من العظمة، ودل على الإعراق في الاستغراق بقوله :( من رسول ( ولما كان ما يؤتيهم سبحانه وتعالى من الآيات ويمنحهم به من المعجزات حاملاً في ذاته على الطاعةن شبهه بالحامل على إرساله فقال :( إلا ليطاع ) أي لأن منصبه الشريف مقتض لذلك آمر به داعٍ إليه ) بإذن الله ) أي بعلم الملك الأعظم الذي له الإحاطة بكل شيء في تمكينه من أن يطاع، لما جعلنا له من المزية بالصفات العظيمة والمناصب الجليلة والأخلاق الشريفة كما قال ( ﷺ ) ( ما من الأنبياء نبي إلا وقد أوتي من