صفحة رقم ٢٩٠
ومانعاً لغيره عن مثل فعله ؛ قال الإمام أبو عبد الله القزاز : يقال : نكلته تنكيلاً - إذا عملت به عملاً يكون نكالاً لغيره، أي عبرة فيرجع عن المراد من أجله، وهو أن الناظر إليه والذي يبلغه ذلك يخاف أن يحل به مثله، أي فيكون له ذلك قيداً عن الإقدام ؛ والنكل - بالكسر : القيد.
النساء :( ٨٥ - ٨٨ ) من يشفع شفاعة.....
) مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ( ( )
ولما كان ذلك موجباً للرغبة في طاعة النبي صلى الله عليه وسم لا سيما في الجهاد، وللرغبة فيمن كان بصفة المؤمنين من الإقبال على الطاعة، والإعراض عن كل من كان بصفة المانفقين، والإدامة لطردهم وإبعادهم والغلظة عليهم، والحذر من مجالستهم حتى يتبين إخلاصهم، وكان بين كثير من خلص الصحابة رضي الله تعالى عنهم وبينهم قرابات توجب العطف المقتضي للشفقة عليهم، الحاملة للشفاعة فيهم، إما بالإذن في التخلف عن الجهاد لما يزخوفون القول من الأعذار الكاذبة، أو ي العفو عنهم عند العثور على نقائصهم، أو في إعانتهم أو إعانة غيرهم بالمال والنفس في أمر لاجاهد عند ادعاء أن المانع له عنه العجز - وفي غير ذلك، وكانت التوبة معروضة لهم ولغيرهم، وكان البر ما سكن إلأيه القلب، والإثم ما حاك في الصدر، والإنسان على نفسه بصيرة، وكانت البواطن لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وكان الإنسان ربما أظهر شراً في صورة خير ؛ رغب سبحانه وتعالى في البر، وحذر من الإثم بقوله - معمماً مستأنفاً في جواب من كأنه قال : أما تقبل فيهم شفاعة :( من يشفع ) أي يوجد ويجدد، كائناً من كان، في أي وقت كان ) شفاعة حسنة ) أي يقيم بها عذر المسلم في كل ما يجوز في الدين ليوصل إليه خيراً، أو يدفع عنه ضيراً ) يكن له نصيب منها ( بأجر تسببه في الخير ) ومن يشفع ( كائناً من كان، في أي زمان كان ) شفاعة سيئة ) أي بالذب عن مجرم ي أمر لا يجوز، والتسبب في إعلائه وجبر دائه ؛ وعظّم الشفاعة السيئة لأن درء المفاسد أولى من جلب المصلح، فقال - معبراً بما يفهم النصيب ويفهم أكثر مه تغليظاً في الزجر :( يكن له كفل منها ( وهذا بيان لأن الشفاعة فيهم سيئة إن تحق إجرامهم، حسنة إن علمت توبتهم وإسلامهم.


الصفحة التالية
Icon