صفحة رقم ٣٠٣
ولما كان المراد من هذا السؤال التوبيخ لأجل ترك الهجرة ) قالوا ( معتذرين ) كن مستضعفين في الأرض ) أي أرض الكفار، لا نتمكن من إقامة الدين، وكأنهم أطلقوها إشارة إلى أنها عندهم لاتساعها لكثرة الكفار هي الأرض كلها، فكأنه قيل : هل قنع منهم بذك ؟ فقيل : لا، لأنهم لم يكونوا ضعفاء عن الهجرة، فكأنه قال : فما قيل لهم ؟ فقيل :( قالوا ) أي الملائكة بياناً لأنهم لم يكونوا ضعفاء عن الهجرة إلى موضع يأمنون فيه على دينهم ) ألم تكن أرض الله ) أي المحيط بكل شيء، الذي له كل شيء ) واسعة فتهاجروا ) أي بسبب استاعها كل من يعاديكم في الدين ضاربين ) فيها ) أي إلى حيث يزول عنكم المانع، فالآية من الاحتباك : ذكر الجهاد أولاً في ) ) وفضل الله المجاهدين ( ) [ النساء : ٩٥ ] دليل عى حذفه ثانياً بعد ) ) ظالمي أنفسهم ( ) [ النساء : ٩٧ ]، وذكر الهجرة ثانياً دليل على حذفها أولاً بالقعود عنها، ولذلك خص الطائفة الأولى بوعد الحسنى.
ولما وبخوا على تركهم الهجرة، سبب عنه جزاؤهم فقيل :( فأولئك ) أي البعداء من اجتهادهم لأنفسهم ) مأواهم جهنم ) أي لتركهم الواجب وتكثيرهم سواد الكفار وانبساطهم في وجوه أهل الناس ) وساءت مصيراً ( روى البخاري في التفسير والفتن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله ( ﷺ )، يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب فيقتل، فأنزل الله تعالى ) ) إن الذين توافاهم ( ) [ النساء : ٩٧ ]
النساء :( ٩٨ - ١٠١ ) إلا المستضعفين من.....
) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً ( ( )
ولما توعد على ترك الهجرة، أتبع ذلك بما زاد القاعد عنها تخويفاً بذكر من لم يدخل في المحكوم عليه بالقدرة على صورة الاستثناء تنبيهاً على أنهم جديرون بالتسوية في الحكم لولا فضل الله عليهم، فقال بياناً لأن المستثنى منهم كاذبون في ادعائهم الاستضعاف :( إلا المستضعفين ) أي الذين وجد ضعفهم في نفس الأمر وعُدوا ضعفاء وتقوى عليهم غيرهم ) من الرجال والنساء والولدان ( ثم بين ضعفهم بقوله :( لا يستطعيون حيلة ) أي في إيقاع الهجرة ) ولا يهتدون سبيلاً ) أي إلى ذلك