صفحة رقم ٣١٥
ولما نهى عن نصرة الخائن وحذر منها، ندب إلى التوبة من كل سوء فقال - عاطفاً على ما تقديره : فمن يصر على مثل هذه المجادلة يجد الله عليماً حكيماً - :( من يعمل سوءاً ) أي قبيحاً متعدياً يسوء غيره شرعاً، عمداً - كما فعل طعمة - أو غير عمد ) أو يظلم نفسه ( بما لا يتعداه إلى غيره شركاً كان أو غيره، أو بالرضى لها بما غيره أعلى منه، ولم يسمه بالسوء لأنه لا يقصد نفسه بما يضرها في الحاضر ) ثم يستغفر الله ) أي يطلب من الملك الأعظم غفرانه بالتوبة بشروطها ) يجد الله ) أي الجامع لكل كمال ) غفوراً ) أي ممحيّاً للزلات ) رحيماً ) أي مبالغاً في إكرام من يقبل إليه ( من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت نمه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ) روى إسحاق بن راهويه عن عمر رضي الله تعالى عنه وأبو يعلى الموصلي عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أن هذه الآية نسخت
٧٧ ( ) من يعمل سوءاً يجز به ( ) ٧
[ النساء : ١٢٣ ] وأنها نزلت بعدها.
ولما ندب إلى التوبة ورغب فيها، بين أن ضرر إثمه لا يتعدى نفسه، حثاً على التوبة وتهييجاً إليها لما جبل عليه كل أحد من محبة نفع نفسه ودفع الضر عنها فقال :( ومن يكسب إثماً ) أي إثم كان ) فإنما يكسبه على نفسه ( لأن وباله راجع عليه إذ الله له بالمرصاد، فهو مجازيه على ذلك لا محالة غير حامل لشيء من إثمه على غيره كما أنه غير حامل لشيء من إثم غيره عليه، والكسب : فعل ما يجر نفعاً أويدفع ضراً.


الصفحة التالية
Icon