صفحة رقم ٣٢٠
النساء :( ١١٧ - ١٢٠ ) إن يدعون من.....
) إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً ( ( )
ولما كان المنافقون هم المقصودين بالذات بهذه الآيات، وكان أكثرهم أهل أوثان ؛ ناسب كل المناسبة قوله معللاً لأن الشرك ضلالاً :( إن ) أي ما ) يدعون ( وما أنسب التعبير لعباد الأوثان عن العبادة بالدعاء إشارة إلى أن كل معبود لا يدعي في الضرورات فيسمع، فعابده أجهل الجهلة.
ولما كان كل شيء دونه سبحانه وتعالى، لأنه تحت قهره ؛ قال محتقراً لما عبدوه :( من دونه ) أي وهو الرحمن.
ولما كانت معبوداتهم أوثاناً متكثرة، وكل كثرة تلزمها الفرقة والحاجة والضعف مع أنهم كانوا يسمون بعضها بأسماء الإناث من اللات والعزى، ويقولون في الكل : إنها بنات الله، ويقولون عن كل صنم : أنثى بني فلان ؛ قال :( إلا إناثاً ) أي فجعلوا أنفسهم للإناث عباداً وهم يأنفون من أن يكون لهم لهم أولاداً، وفي التفسير من البخاري : إناثاً يعني الموات حجراً أو مدراً - أو ما أشبه ذلك ؛ هذا مع أن مادة ( أنث ) و ( وثن ) يلزمها في نفسها الكثرة والرخاوة والفرقة، وكل ذلك في غاية البعد عن رتبة الإلهية، وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط ذلك في سورة العنكبوت وأن هذا القصر قلب قصر لاعتقادهم أها آلهة، ومعنى الحصر : ما هي إلا غير آهلة لما لها من النقص ) وإن يدعون ) أي يعبدون في الحقيقة ) إلا شيطاناً ) أي لأنه هو الآمر لهم بذلك، المزين لهم ) مريداً ) أي عاتياً صلباً عاصياً ملازماً للعصيان، مجرداً من كل خير، محترقاً بأفعال الشر، بعيداً من كل أمن، من : شاط وشطن ؛ ومرد - بفتح عينه وضمها، وعبر بصيغة فعيل التي هي للمبالغة في سياق ذمهم تنبيهاً على أنهم تعبدوا لام لا إلباس في شراراته، لأنه شر كله، بخلاف ما في سورة الصافات، فإن سياقه يقتضي عدم المبالغة - كما سيأتي إن شاء الله تعالى ؛ ثم يبن ذلك بقوله :( لعنه الله ) أي أبعده الملك الأعلى منكل خير فبعد فاحترق.
ولما كان التقدير : فقال إصراراً على العداوة بالحسد : وعزتك لأجتهدن في إبعاد غيري كما أبعدتني عطف عليه قوله :( وقال لأتخذنَّ ) أي والله لأجتهدن في أن آخذ ) من عبادك ( الذين هم تحت قهرك، ولا يخرجون عن مرادك ) نصيباً مفروضاً ) أي جزءاً أنت قدرته لي ) ولأضلنهم ) أي عن طريقك السوي بما سلطتني به من الوساوس