صفحة رقم ٣٢١
وتزيين الأباطيل ) ولأمنينّهم ) أي كل ما أقدر عليه من الباطل من عدم البعث وغيره من طول الأعمال وبلوغ الآمال من الدنياوالآخرة بالرحمة والعفو والإحسان ونحوه مما هو سبب للتسويف بالتوبة ) ولآمرنهم ( ولما كان قد علم مما طبعوا عليه من الشهوات والحظوظ التي هيأتهم لطاعته، وكانت طاعته في الفساد عند كل عاقل في غاية الاستبعاد ؛ أكد قوله :( فليبتكن ) أي يقطعن تقطيعاً كثيراً ) آذان الأنعام ( ويشققونها علامة على ما حرموه على أنفسهم ) ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) أي الذي له الحكمة الكاملة فلا كفوءله، بأنواع التغيير من تغيير الفطرة الأولى السليمة إلى ما دون ذلك من فقء عين الحامي ونحو ذلك، وهو إشارة إلى ما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم بالتقريب للأصنام من السائبة وما معها، المشار إلى إبطاله في أول المائدة بقوله
٧٧ ( ) أحلت لكم بهيمة الأنعام لا ما يتلى عليكم ( ) ٧
[ المائدة : ١ ] المصرح به في آخرها بقوله :
٧٧ ( ) ما جعل الله من بحيرة ( ) ٧
[ المائدة : ١٠٣ ] ويكون التغيير بالوشم والوشر، ويدخل فيه كل ما خالف الدين، فإن الفطرة الأولى داعية إلى خلاف ذلك حتى أدخلوا فيه تشبيه الرجال بالنساء في التخنث وما يتفرع عنه في تشبيه النساء بالرجال في السحق ومانحاً فيه نحوه.
ولما كان التقدير : فقد خسر من تابعه في ذلك، لأنه صار للشيطان ولياً ؛ عطف عليه معمماً قوله :( ومن يتخذ ) أي يتكلف منهم ومن غيرهم تغيير الفطرة الأولى فيأخذ ) الشيطان ولياً ( ولما كان ذلك ملزوماً لمحادة الله سبحانه وتعالى، وكان ما هو أدنى من رتبته في غاية الكثرة ؛ بعّض ليفهم الاستغراق من باب الأولى فقال :( من دون الله ) أي المستجمع لكل وصف جميل ) فقد خسر ( باتخاذه ذلك ولو على أدنى وجوه الشرك ) خسراناً مبيناً ) أي في غاية الظهور والرداءة بما تعطيه صيغة الفعلان، لأنه تولى من لا خير عنده ؛ ثم علل ذلك بقوله :( يعدهم ) أي بأن يخيل إليهم بما يصل إلى قلوبهم بالوسوسة في شيء من الأباطيل أنه قريب الحصول، وأنه لا درك في تحصيله، وأنه إن لم يحصل كان في فواته ضرر، فيسعون في تحصيله، فيضع عليهم في ذلك الزمانُ، ويرتكبون فيه ما لا يحل من الأهوال والهوان ) ويمنيهم ) أي يزين لهم تعليق الآمال بما لا يتأتى حصوله، ثم بين ذلك بقوله :( وما ) أي والحالة أنه ما ) يعدهم ( وأظهر في موضع الإضمار تنبيهاً على مزيد النفرة فقال :( الشيطان ) أي المحترق البعيد عن الخير ) إلا غروراًَ ) أي تزييناً بالباطل خداعاً ومكراً وتلبيساً، إظهاراً - لما لا حقيقة له أو له


الصفحة التالية
Icon