صفحة رقم ٣٢٢
حقيقة سيئة - في أبهى الحقائق وأشرفها وألذها إلى النفس وأشهاها إلى الطبع، فإن مادة ( غر ) و ( رغ ) تدول على الشرف والحسن ورفاهة العيش، فالغرور إزالة ذلك.
النساء :( ١٢١ - ١٢٣ ) أولئك مأواهم جهنم.....
) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ( ( )
ولما أثبت لهم ذلك أنتج بلا شك قوله :( أولئك ) أي البعداء من كل خير ) مأواهم جهنم ) أي تتجهمهم وتتقد عليهم بما اتخذوا من خلق منها ولياً ) ولا يجدون عنها محيصاً ) أي موضعاً ما يميلون إليه شيئاً من الميل.
ولما ذكر ما للكافرين ترهيباً أتبعه ما لغيرهم ترغيباً فقال :( والذين آمنوا ) أي بوعد لا خلف فيه ) جنات تجري ( وقرب وبعض بقوله :( من تحتها الأنهار ) أي لرّي أرضها، فحيث ما أجرى منها نهر جرى.
ولما كان الانزعاج عن مطلق الوطن - ولو لحاجة تعرض - شديداً، فيكف بهذا قال :( خالدين فيها ( ولما كان الخلود يطلق على مجرد المكث الطويل، دل على أنه لا بإلى آخر بقوله :( أبداً ( ثم أكد ذلك بأن الواقع يطابقه، وهويطابق الواقع فقال :( وعد الله حقاً ) أي يطابقه الواقع، لأنه الملك الأعظم وقد برز وعده بذلك، ومن أحق من الله وعداً، وأخبر به خبراً صاداقً يطابق الواقع ) ومن أصدق من الله ) أي المختص بصفات الكمال ) قيلاً ( وأكثر من التأكيد هنا لأنه في مقابلة وعد الشيطان، ووعد الشيطان موافق للهوى الذي طبعت عليه النفوس فلا تنصرف عنه إلا بعسر شديد.
ولما أخبر تعالى عما أعد لهم ولمن أضلهم من العقاب وعما أعد للمؤمنين من الثواب، وكانوا يمنون أنفسهم الأماني الفارغة من أنه لا تبعة عليهم في التلاعب بالدين، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ويشطعهم على ذلك أهل الكتاب ويدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه، لا يؤاخذهم بشيء، ولا يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى أو من شفعوا فيه، ونحو هذه التكاذيب مما يطمعون به من والاهم بأنهم ينجونه، وكان المشركون يقولون :( ) نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين ( ) [ سبأ : ٣٥ ]، ونحو ذلك - كنا قال العاصي بن وائل لخباب بن الأرت وقد تقاضاه ديناً كان له عليه : دعني إلى تلك الدار فأقضيك مما لي فيها، فوالله لا تكون أنت وصاحبك فيها آثر عند الله مني