صفحة رقم ٣٢٣
ولا أعظم حظاً، فأنزل الله في ذلك :( ) أفرأيت الذي كفر بآياتنا ( ) [ مريم : ٧٧ ] الآ ] ات من آخر مريم، ويقول لهم أهل الكتاب : أنتم أهدى سبيلاً، لما كان ذلك قال تعالى راداً على الفريقين :( ليس ) أي ما وعده الله وأوعده ) بأمانيكم ) أي أيها العرب ) ولا أماني أهل الكتاب ) أي التي يمنيكم جميعاً بها الشيطان.
ولما اكنت أمانيهم أنهم لا يجازون بأعمالهم الخبيثة، أنتج ذلك لا محالة قوله :( ومن يعمل سوءاً يجز به ) أي بالمصاشب من الأمراض وغيرها، عاجلاً إن أريد به الخير، وآجلاًَ إن أريد به الشر، وما أحسن إيلاؤها لتمنيه الشيطان المذكورة في قوله ) ) يعدهم ويمنيهم ( ) [ النساء : ١٢٠ ] فيكون الكلام وافياً بكشف عوار شياطين الجن ثم الإنس في غرورهم لمن خف معهم مؤيساً لمن قبل منهم، وما أبدع ختامها بقوله :( ولا يجد له ( ولما كان كل أحد قاصراً عن مولاه، عبر بقوله :( من دون الله ) أي الذي حاز جميع العظمة ) ولياً ) أي قريباً يفعل معه ما يفعل القريب ) ولا نصيراً ) أي ينصره في وقت ما وما أشد التئامها بختام أول الآيات المحذرة منهم ) ) ألم تر إلى الذين أوتوا نصيراً ( ) [ النساء : ٤٥ ] إشارة إلى أن مقصود المنافقين من مشايعة أهل الكتاب ومتابعتهم إنما هو الولاية والنصرة، وأنهم قد ضيعوا منيتهم فاستنصروا بمن لا نصرة له، وتركوا من ليست النصرة إلا له.
النساء :( ١٢٤ - ١٢٥ ) ومن يعمل من.....
) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ( ( )
ولما أبدى جزاء المسيء تحذيراً، أولاه أجر المحسن تبشيراً فقال :( ومن يعمل ( وخفف تعالى عن عباده بقوله :( من الصالحات ( ولما عمم بذكر ( من ) صرح بما اقتضته في قوله :( من ذكر وأنثى ( وقيد ذلك بقوله :( وهو ) أي والحال أنه ) مؤمن ( ليكون بناؤه الأعمال على أساس الإيمان ) فأولئك ) أي العالو الرتبة، وبنى فعل الدخول للمفعول في قراءة ابن كثير وأبي عمروا وأبي جعفر وأبي بكر عن عاصم وروح عن يعقوب، وللفاعل في قراءة غيرهم، لأن المقصود نفس الفعل، لا كونه من فاعل معين ؛ وإن كانت قراءة الأولين أكثر فائدة ) يدخلون ) أي يدخلهم الله ) الجنة ) أي الموصوفة ) لا يظلمون ( وبنى الفعل للمجهول، لأن المقصود الخلاص منه لا بقيد فاعل معين ) نقيراً ) أي لا يظلم الله المطيع منهم بنقص شيء ما، ولا العاصي بزيادة شيء ما، والنقير : ما في ظهر النواة من تلك الوقبة الصغيرة جداً، كني بها عن العدم، وهذا على


الصفحة التالية
Icon