صفحة رقم ٣٣٠
ولما أخبر سبحانه وتعالى بأن لا يخلو نكاح العدد عن ميل، سبب عنه قوله :( فلا ) أي فإن كان لا بد لكم من العدد، أو فإن وقع الميل والزوجة واحدة فلا ) تميلوا ( ولما كان مطلق الميل غير مقدور على تركه فلم يكلف به، بين المراد بقوله :( كل الميل ( ثم سبب عنه قوله :( فتذروها ) أي المرأة ) كالمعلقة ) أي بين النكاح والعزوبة والزواج والانفراد.
ولما كان الميل الكثير مقدوراً على تركه، فكان التقدير : فإن ملتم كل الميل مع إبقاء العصمة فإن الله كان منتقماً حسبياً، عطف عليه قوله :( وإن تصلحوا وتتقوا ) أي بأن توجدوا الإصلاح بالعدل في القسم والتقوى في ترك الجور على تجدد الأوقات ) فإن الله ) أي الذي له الكمال كله ) كان غفوراً رحيماً ) أي محّاء للذنوب بليغ الإكرام فهو جدير بأن يغفر لكم مطلق الميل، ويسبغ عليكم ملابس الإنعام.
ولما كان من الإصلاح المعاشرة بالمعروف، ذكر قسيمه فقال :( وإن يتفرقا ) أي يفترق كل من الزوجين من صاحبه ) يغن الله ) أي الذي له صفات الكمال ) كلاًّ ) أي منهما، أي يجعله غنياً هذه برجل وهذا بامرأة أو بغير ذلك من لطفه، وبين منشأ هذا الغني فقال :( من سعته ) أي من شمول قدرته وغير ذلك من كل صفة كمال، ولمزيد الاعتناء بتقرير هذه المعاني في النفوس لإحضارها الشح، كرر اسمه الأعظم الجامع فقال :( وكان الله ) أي ذو الجلال والإكرام أزلاً وأبداً ) واسعاً ) أي محيطاً بكل شيء ) حكيماً ) أي يضع الأشياء في أقوم محالها.
النساء :( ١٣١ - ١٣٤ ) ولله ما في.....
) وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذلِكَ قَدِيراً مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً ( ( )
ولما كان مبنى هذه السورة على التعاطف والتراحم والتواصل، لم يذكر فيها الطلاق إلا على وجه الإيماء في هذه الآية على وجه البيان لرأفته وسعة رحمته وعموم تربيته، وفي ذلك معنى الوصلة والعطف، قال ابن الزبير : ولكثرة ما يعرض من رعى حظوظ النفس عند الزوجية ومع القرابة - ويدق ذلك ويغمض - لذلك ما تكرر كثيراً في هذه السورة الأمرُ بالاتقاء، وبه افتتحت ) ) اتقوا ربكم ( ) [ النساء : ١ ]، ) ) واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ( ) [ النساء : ١ ]، ) ) ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ( ) [ النساء : ١٣١ ]


الصفحة التالية
Icon