صفحة رقم ٣٣٨
نخادعهم به، ونشيع فيهم من الإرجافات والأمور المرغبات الصارفة لهم عن كثير من المقاصد، لتصديقهم لنا لأظهارنا الإيمان، ورضانا من مداهنة من نكره بما لا يرضاه إنسان.
ولما كان هذا لأهل الله سبحانه وتعالى أمراً غائظاً ملقاً موجعاً ؛ سبب عنه قوله :( فالله ) أي بما له من جميع صفات العظمة ) يحكم بينكم ) أي أيها المؤمنون والكافرون المساترون والمجاهرةن.
ولما كان الحكم في الدارين بين أنه في الدار التي لا يظهر فيها أحد غيره أمر ظاهراً ولا باطناً، وتظهر فيها جميع المخبئات فقال :( يوم القيامة ( ولما كان هذا ربما أيأسهم من الدنيا قال :( ولن يجعل الله ( عبر بأداة التأكيد وبالاسم الأعظم لاسبتعاد الغلبة على الكفرة لما لهم في ذلك الزمان من القوة والكثرة ) للكافرين ) أي سواء كانوا مساترين أو مجاهرين ) على المؤمنين ) أي كلهم ) سبيلاً ) أي بوجه في دنيا ولا آخرة، وهذا تسفيه لآرائهم واستخفاف بعقولهم فكأنه يقول : يا أيها المتربصون بأحباب الله الدوائر، المتمنون لأعدائه النصر - وقد قامت الأدلة على أن العزة جميعاً لله - ما أضلكم في ظنكم أنه يخذل أولياءه وما أغلظ أكبادكم ويدخل في عمومها أنه لا يقتل مسلم بذمي، ولا يملك كافر مال مسلم قهراً ؛ ثم بين أن صورتهم في ضربهم الشقة بالوجهين صورة المخادع، وما أضلهم حيث خادعوا من لا يجوز عليه الخداع لعلمه بالخافيا، فقال معاللاً لمنعهم السبيل.
النساء :( ١٤٢ - ١٤٤ ) إن المنافقين يخادعون.....
) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاءِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً ( ( )
) إن المنافقين ( لإظهارهم لكل من غلب أنهم منه ) يخادعون الله ) أي يفعلون بإظهار ما يسر وإبطان ما يضر فعل المخادع مع من له الإحاطة الكاملة بكل شيء لأنه سبحانه وتعالى يستدرجهم من حيث لا يشعرون، وهم يخدعون المؤمنين بإظهار الإيمان وإبطان الكفر ) وهو ( الذي أمر المؤمنين بما أمرهم فكأنهم يفعلون ذلك معه وهو ) خادعهم ( باستدارجهم من حيث لا يعلمون، لأنه قادر على أخذهم من مأمنهم وهم


الصفحة التالية
Icon