صفحة رقم ٣٤٠
النساء :( ١٤٥ - ١٤٧ ) إن المنافقين في.....
) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً ( ( )
ولما نهاهم عن فعل المنافقين استأنف بيان جزائهم عنده فقال :( إن المنافقين في الدرك ) أي البطن والمنزل ) الأسفل من النار ( لأن ذلك أخفى ما في النار وأستره وأدناه وأوضعه كما أن كفرهم أخفى الكفر أدناه، وهو أيضاً أخبث طبقات النار كما أن كفرهم أخبث أنواع الكفر، وفيه أن من السطلان وضع فاعل ذلك في دار المنافقين لفعله مثل فعلهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وسميت طبقات النار أدراكاً لأناه متداركة متتابعة إلى أسفل كما أن الدرج متراقية إلى فوق.
ولما أخبر أنهم من هذا المحل الضنك، أخبر بدوامه لهم على وجه مؤملم جداً فقال :( ولن تجد ) أي أبداً ) لهم نصيراً ( وأشار بالنهي عن موالاتهم وعدم نصرهم إلى ختام أول الآيات المحذرة من الكافرين ) ) وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً ( ) [ النساء : ٤٥ ] ولما كان فيما تقدم أن الغفران للكافر - أعم من أن يكون منافقاً أولاً - متعذر، وأتبعه ما لاءمه إلى أن ختم بما دل على أن النفاق أغلظ أنواع الكفر استثنى منه دلالة على أن غيره من الكفرة في هذا الاستثناء أولى، تنبيهاً على أن ذلك النفي المبالغ فيه إنما هو لمن مات على ذلك، ولكنه سيق على ذلك الوجه تهويلاً لما ذكره في حيزه وتنفيراً منه فقال تعالى :( إلا الذين تابوا ) أي رجعوا عما كانوا عليه من النفاق بالندم والإقلاع ) وأصحلوا ) أي أعمالهم الظاهرة من الصلاة التي كانوا يراؤون فيها وغيرها بالإقلاع عن النفاق ) واعتصموا بالله ) أي اجتهدوا في أن تكون عصمتهم - أي ارتباطهم - بالملك الأعظم في عدم العود إلى ما كانوا عليه.
ولما كان الإقلاع عن النفاق الذي من أنواعه الرياء - أصلاً ورأساً في غاية العسر قال حثاً على مجاهدة النفس فيه :( وأخلصوا دينهم ) أي كله ) لله ) أي الذي له الكمال كله، فلم يريدوا بشيء من عبادتهم غير وجهه لا رياء ولا غيره ) فأولئك ) أي العالو الرتبة ) مع المؤمنين ) أي الذي صار الإيمان لهم وصفاً راسخاً في الجنة، وإن عذبوا على معاصيهم ففي الطبقة العليا من النار ) وسوف يؤت الله ) أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ) المؤمنين ) أي بوعد لا خلف فيه وإن أصابهم قبل ذلك ما أصابهم وإن


الصفحة التالية
Icon