صفحة رقم ٣٤١
طال عذابهم، تهذيباً لهم من المعاصي بما أشار إليه لفظ ( سوف ) ) أجراً عظيماً ) أي بالخلود في الجنة التي لا ينقضي نعيمها، ولا يتكدر يوماً نزيلها، فيشاركهم من كان معهم، لأنهم القول لا يشقى بهم جليسهم.
ولما كان معنى الاستثناء أنه لا يعذبهم، وأنهم يجدون الشفيع بإذنه ؛ قال مؤكداً لذلك على وجه الاستنتاج منكراً على من ظن أنه لا يقبلهم بعد الإغراق في المهالك :( من يفعل الله ) أي وهو المتصف بصفات الكمال التي منها الغنى المطلق ) بعذابكم ) أي أياه الناس، فإنه لا يجلب له نفعاً ولا يدفع عنه ضراً ولما كان الخطاب مع الذين آمنوا قال :( إن شكرتم ) أي نعمه التي من أعظمها إنزال الكتاب الهادي إلى الرشاد، المنقذ من كل ضلال، المبين لجميع ما يحتاج إليه العباد، فأداكم التفكر في حالها إلى معرفة مسديها، فأذعنتم له وهرعتم إلى طاعته بالإخلاص في عبادته وأبعدتم عن معصية.
ولما كان الشرك هو الحامل على الإيمان قدمه عليه، ولما كان لا يقبل إلا به قال :( وآمنتم ) أي به إيماناً خالصاً موافقاً فيه القلب ما أظهره اللسان ؛ ولما كان معنى الإنكار أنه لا يعذبكم، بل يشكر ذلك قال عاطفاً عليه :( وكان الله ) أي ذو الجلال والإكرام أزلاً وأبداً ) شاكراً ( لمن كشره بإثابته على طاعته فوق ما يستحقه ) عليماً ( بمن عمل له شيئاً وإن دق، لا يجوز عليه سهو ولا غلط ولا اشتباه.
النساء :( ١٤٨ - ١٥١ ) لا يحب الله.....
) لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً ( ( )
ولما أتم سبحانه وتعالى ما أراد من تقبيح حال المجالسين الخائضين في آياته بما هي منزهة عنه، ومما يتبعه من وصفهم وبيان قصدهم بتلك المجالسة من النهي عن مثل حالهم، ومن جزاء من فعل مثل فعلهم - إلى أن ختم بأشد عذاب المنافقين، وحث على التوبة بما خمته بصفتي الشكر والعلم ؛ أخبر أنه يبغض خوض الكافرين الذين قبح مجالستهم حال التلبس به، وكذا كل جهر بسوء إلا ما استثناءه، فمن أقدم على ما لا يحبه لم يقم بحق عبوديته، فقال معللاً ما مضى قبل افتتاح أمر المنافقين من الأمر بإحسانه التحية :( لا يحب الله ) أي المختص بصفات الكمال ) الجهر ) أي ما يظهر