صفحة رقم ٤١٠
عمرو أخا بني ساعدة، وكلاهما كان نقيباً، فأما المنذر فأعجزهم، وأما سعد فأخذوه فربطوه وأقبلوا يضربونه، حتى خلصه الله منهم بجبير بن مطعم والحارث بن حرب بن أمية بما كان بينه وبينهما من الجوار، فكان في سيوق الآية بعد آية الميثاق الذي أعظمه ما كان ليلة العقبة أعظم مذكر بذلك ) فكف أيديهم عنكم ) أي مع قلتكم وكثرتهم وضعفكم وقوتهم، ولم يكن لكم ناصر إلا الذي آمنتم به تلك الليلة وتوكلتم عليه وبايعتم رسوله، فكف ببعض الأعداء عنكم أيدي بعض، ولو شاء لسلطهم عليكم كما سلط ابن آدم على أخيه ؛ وينبغي أن يعلم أن القصة التي عُزِيت في بعض التفاسير هنا إلى بني قريظة في الاستعانة في دية القتيلين إنما هي لبني النضير، وهي كانت سبب إجلائهم.
ولما أمرهم بذكر النعمة، عطف على ذلك الأمر الأمر بالخوف من المنعم أن يبدل نعمته بنقمة فقال :( واتقوا الله ) أي الملك الذي لا يطاق انتقامه لأنه لا كفوء له، حذراً من أن يسلط عليكم أعداءكم ومن غير ذلك من سطواته.
ولما كان التقدير : على الله وحده في كل حالة فتوكلوا، فإنه جدير بنصر من انقطع إليه ولم يعتمد إلا عليه، عطف على ذلك قوله تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف :( وعلى الله ) أي وحده لكونه لا مثل له ) فليتوكل المؤمنون ) أي في كل وقت فإنه يمنعهم إذا شاء كهذا المنع وإن اشتد الخطب وتعاظم الأمر، فتوكلوا ولا تنكلوا عن أعدائكم الذين وعدكم الله أرضهم وديارهم وأبناءهم وتهابوا جموعهم كما هاب بنو إسرائيل - كما سيقص عليكم، وقوله هنا ) المؤمنون ( وفي قصة بني إسرائيل ) إن كنتم مؤمنين ( شديد التآخي، معلم بمقامي الفريقين، وحينئذ حسن كل الحسن تعقيبها مع ما


الصفحة التالية
Icon