صفحة رقم ٤١٢
بعده، فصدقتموهم في جميع ما يأمرونكم به ) وعزرتموهم ) أي ذببتم عنهم ونصرتموهم ومنعتموهم أشد المنع، والتعزير والتأزير من باب واحد.
ولما كان من أعظم المصدق للإيمان ونصر الرسل بذل المال فهو البرهان قال :( وأقرضتم الله ) أي الجامع لكل وصف جميل ) قرضاً حسناً ) أي بالإنفاق في جميع سبل الخير، وأعظمها الجهاد والإعانة فيه للضعفاء.
ولما كان الإنسان محل النقصان، فهو لا ينفك عن زلل أو تقصير وإن اجتهد في صالح العمل، قال سادّاً.
بجواب القسم الذي وطّأت له اللام الداخلة على الشرط - مسدّ جواب الشرط :( لأكفرن ) أي لأسترن ) عنكم سيئاتكم ) أي فعلكم لما من شأنه أن يسوء ) ولأدخلنكم ) أي فضلاً مني ) جنات تجري ( ولما كان الماء لا يحسن إلا بقربه وانكشافه عن بعض الأرض قال :( من تحتها الأنهار ) أي من شدة الريّ ) فمن كفر ( ولما كان الله سبحانه لا يعذب حتى يبعث رسولاً.
وكان المهلك من المعاصي بعد الإرسال ما اتصل بالموت فأحبط ما قبله، نزع الجار فقال :( بعد ذلك ) أي الشرط المؤكد بالأمر العظيم الشأن ) منكم ) أي بعد ما رأة من الآيات واقرّ به من المواثيق ) فقد ضل ) أي ترك وضيّع، يُستعمل قاصراً بمعنى : حار، ومتعدياً كما هنا ) سواء ) أي وسط وعدل ) السبيل ) أي لأن ذلك كفر بعد البيان العظيم فهو أعظم من غيره، وفي هذا تحذير شديد لهذه الأمة، لأن المعنى : فإن نقضتم الميثاق - كما نقضوا - بمثل استدراج شاس بن قيس وغيره، صنعنا بكم ما صنعنا بهم حين نقضوا، من إلزامهم الذلة والمسكنة وغير ذلك من آثار الغضب، وإن وفيتم بالعقود آتيناكم أعظم مما آتيناهم من فتح البلاد والظهور على سائر العباد ؛ قال ابن الزبير : ولهذا الغرض والله أعلم - أي غرض التحذير من نقض العهد - ذكر هنا العهد المشار إليه في قوله تعالى
٧٧ ( ) أوفوا بعهدي ( ) ٧
[ البقرة : ٤٠ ] فقال تعالى :
٧٧ ( ) ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل ( ) ٧
إلى قوله
٧٧ ( ) فقد ضل سواء السبيل ( ) ٧
[ المائدة : ١٢ ] ثم بين نقضهم وبنى اللعنة وكل محنة ابتلوا بها عليه فقال
٧٧ ( ) ومن الذين قالوا ميثاقهم ( ) ٧
[ النساء : ٥٥ والمائدة : ١٣ ] وذكر تعالى عهد الآخرين للمؤمنين أفعال الفريقين ليتبين لهم ما نقضوا فيه من ادعائهم في المسيح ما ادعوا، وقولهم نحن أبناء الله وأحباؤه، وكفهم عن فتح الأرض المقدسة، وإسرافهم في القتل وغيره، وتغييرهم أحكام التوراة - إلى غير ذلك مما ذكره في هذه السورة، ثم بين تفاوتهم في البعد عن الاستجابة فقال تعالى :
٧٧ ( ) لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا ( ) ٧
[ المائدة : ٨٢ ] انتهى.
وينبغي ذكر النقباء من هذه الفرق الثلاث بأسمائهم وما دعي إلى


الصفحة التالية
Icon