صفحة رقم ٤٢٥
بأنه نعمة أخرى يجب شكرها، فلذلك وصله بما قبله وصل المعلول بالعلة فقال :( ياقوم ادخلوا ( عن أمر الله الذي أعلمكم بما صنع من الآيات أنه غالب على جميع أمره ) الأرض المقدسة ) أي المطهرة المباركة التي حكم الله أن يطهرها بأنبيائه ورسله من نجس الشرك وضر المعاصي والإفك، ويبارك فيها، ثم وصفها بما يوجب للؤمن الإقدام لتحققه النصر فقال :( التي كتب الله ) أي الذي له الأمر كله فلا مانع لما أعطى ) لكم ) أي بأن تجاهدوا أعداءه فترثوا أرضهم التي لا مثل لها، فتحوزوا سعادة الدارين، وهي بيت المقدس والتي وعد أباكم إبراهيم عليه السلام أن تكون ميراثاً لولده بعد أن جعلها مهاجرة.
ولما أمرهم بذلك نهاهم عن التقاعد عنه، فقال مشيراً إلى أن مخالفة أمر الله لا تكون إلا بمعالجة للفطرة الأولى :( ولا ترتدوا ) أي تكلفوا أنفسكم الرجوع عن أخذها، وصوَّر لهم الفتور عن أخذها بما يستحيي من له همة من ذكره فقال :( على أدباركم ( ولما جمع بين الأمر والنهي، خوفهم عواقب العصيان معلماً بأن ارتدادهم سبب لهلاكهم بغير شك، فقال معبراً بصيغة الانفعال :( فتنقلبوا ) أي من عند أنفسكم من غير قالب يسلط عليكم ) خاسرين ) أي بخزي المعصية عند الله وعار الجبن عن الناس وخيبة السعي من خيري الدارين.
المائدة :( ٢٢ - ٢٦ ) قالوا يا موسى.....
) قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُواْ يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ( ( )
ولما كان هذا السياق محركاً للنفس إلى معرفة جوابهم عنه، أورده على تقدير سؤال من كأنه قال : إن هذا لترغيب مشوق وترهيب مقلق، فما قالوا في جوابه ؟ فقال :( قالوا ( معرضين عن ذلك كله بهمم سافلة وأحوال نازلة، مخاطبين له باسمه جفاء وجلافة وقلة أدب ) يا موسى ( وأكدوا قولهم تأكيد من هو محيط العلم، فقالوا مخاطبين بجرأة وقلة حياء لأعلم أهل زمانه :( إن فيها ) أي دون غيرها ) قوماً جبارين ) أي عتاة قاهرين لغيرهم مكرهين له على ما يريدون ) وإنا لن ندخلها ( خوفاً منهم ) حتى


الصفحة التالية
Icon