صفحة رقم ٤٥٧
ولما كان التقدير : فأولئك الذين أراد الله فتنتهم، عطف عليه قوله ) ومن يرد الله ) أي الذي له الأمر كله ) فتنته ) أي أن يحل به يحل به ما يميله عن وحه سعادته بالكفر حقيقة أو مجازا ) فلن تملك له من الله ) أي الملك ذلك أنت وأنت أقرب الخلق إلى الله فمن يملكه.
ولما كان هذا، أنتج لا محالة :( أولئك ) أي البعداء من الهدى ) الذين لم يرد الله ) أي وهو الذي لا راد لما يريده ولا فاعل لما يرده، فهذه أشد الآيات على المعتزلة ) أن يطهر قلوبهم ) أي بالإيمان، والجملة كالعلة لقوله ) فلن تملك له من الله شيئا ( ولما ثبت أن قلوبهم نجسة، أنتج ذلك قوله ) لهم في الدنيا خزي ) أي بالذل والهوان، أما المنافقون فبإظهار الأسرار والفضائح الكبار وخوفهم من الدمار، وأما الييهود فبيان أنهم حرفوا وبدلوا وضرب الجزية عليهم وغير ذلك من الصغار ) ولهم في الآخرة ( التي من خسرها فلا ربح له بوجه ما ) عذاب عظيم ) أي لعظيم ما ارتكبوه من هذه المعاصي المتضاعفة.
المائدة :( ٤٢ - ٤٣ ) سماعون للكذب أكالون.....
) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذلِكَ وَمَآ أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ( ( )
ولما ذكر التحريف، ذكر أثره وهو الحكم به فقال مكرراً لوصفهمزيادة في توبيخهم وتقبيح شأنهم :( سمّاعون ) أي هم في غاية الشهوة والانهماك في سماعهم ذلك ) للكذب أكّالون ) أي على وجه المبالغة ) للسحت ) أي الحرام الذي يسحت البركة أي يستأصلها، وهو كل ما لا يحل كسبه، وذلك أخذهم الرشى ليحكموا بالباطل على نحو ما حرفوه وغيره من كلام الله، قال الشيخ أبو العباس المرسي : ومن آثر نم الفقراء السماع لهواه، وأكل ما حرمه مولاه، فقد استهوته نزعة يهودية، فإن القوال يذكر العشق والمحبة والوجد وما عنده منها شيء.
ولما كانوا قد يأخذون الرشوة ولا يقدرون على إبرام الحكم بما أرادوه، فيطمعون في أن يفعلوا ذلك بواسطة ترافعهم إلى النبي ( ﷺ ) فيترافعون إليه، فإن حكم بينهم بما أرادوا قبلوه واحتجوا به على من لعله يخالفهم، وإن حكم بما لم يريدوه قالوا : ليس هذا في ديننا - طمعاً في أن يخليهم فلا يلزمهم بما حكم، أعلمه الله تعالى بما يفعل في أمرهم، وحذره غوائل مكرهم، فقال مفوضاً الخيرة إليه في أمر المعاهدين إلى مدة -


الصفحة التالية
Icon