صفحة رقم ٤٧
اهتدوا ( فنفعوا أنفسهم في الدنيا والآخرة، وفي صيغة ( افتعلوا ) ما يليح إلى أن الأنفس مائلة إلى الضلال زائغة عن طريق الكمال ) وإن تولوا ) أي عن الإسلام فهم معاندون فلا يهمنك أمرهم ) فإنما عليك البلاغ ) أي وعليهم وبال توليهم، وفي بنية التفعل ما يومىء إلى أن طرق الهدى بعد البيان آخذ محاسنها بمجامع القلوب، وأن الصادف عنها بعد ذلك قاهر لظاهر عقله وقويم فطرته الأولى برجاسة نفسه واعوجاج طبعه.
ولما كان التقدير : فالله يوفق لقبول البلاغ عنك من علم فيه الخير، وينكب عنه من علم فيه الشر، عطف عليه قوله :( والله ) أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ) بصير بالعباد ) أي فهو يوفق من خلقه للخير منهم ويخذل غيره.
لا يقدر على فعل ذلك غيره، ولا يقدر أحد غيره أني فعل غير ذلك.
ولما أشرك اليهود في هذا الخطاب وأفهم شرط التولي بأداة الشك وقوعه، فتشوفت النفس إلى معرفة جزائهم أشار إليه واصفاً لهم ببعض ما اشتد فحشه من أفعالهم فقال :- وقال الحرالي : ولما كانت هذه السورة منزلة لتبيين ما اشتبه على أهل الإنجيل جرى ذكر أهل التوراة فيها مجملاً بجوامع من ذكرهم، لأن تفاصيل أمرهم قد استقرأته سورة البقرة، فكان أمر أهل التوراة في سورة البقرة بياناً وأهل الإنجيل إجمالاً، وكان أمر أهل الإنجيل في سورة آل عمران بياناً وذكر أهل التوراة إجمالاً، لما كان لبس أهل التوراة في الكتاب فوقع تفصيل ذكرهم في سورة
٧٧ ( ) الم ذلك الكتاب ( ) ٧
[ البقرة : ١، ٢ ]، ولما كان اشتباه أمر أهل الإنجيل في شأن الإلهية كان بيان ما تشابه عليهم في سورة
٧٧ ( ) الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ( ) ٧
[ آل عمران : ١، ٢ ] فجاء هذا الذكر لأهل التوراة معادلة بينهم وبين أهل الإنجيل بما كفروا بالآيات من المعنى الذي اشتركوا يه في أمر الإلهية في عزير واختصوا بقتل الأنبياء وقتل أهل الخير الآمرين بالقسط ؛ انتهى.
فقال تعالى :( إن الذين يكفرون ( وهم الذين خذلهم الله ) بآيات الله ( في إبراز الاسم الأعظم إشارة إلى عظيم كفرهم بكونه مما أضيف إليه سبحانه وتعالى.
قال الحرالي : وفي ذكره بصيغة لادوام ما يقع منهم من الكفر بآيات لاله في ختم اليوم المحمدي مع الدجال فإنهم أتباعه ) ويقتلون النبيين ( في إشعاره ما تمادوا عليه من البغي على الأنيباء حتى كان لهم مدخل في شهادة النبي ( ﷺ ) التي رزقه الله فيما كان يدعو به حيث كان يقول ( ﷺ ) :( اللهم ارزقني شهادة في يسر منك وعافية ) ولما كان قتلهم إياهم بدون شبهة أصلاً بل لمحض والكفر والعناد، لأن الأنبياء