صفحة رقم ٤٨٢
بين جماعة خاصة على وجه الكتمان عن غيرهم، بين أنه أدق من ذلك وأنه على الحقيقة مَنَعهم خوفهم من غائلته وغرته عندهم أن يبرزوه إلى الخارج فقالك ) في أنفسهم ) أي من تجويز محو هذا الدين وإظهار غيره عليه ) نادمين ) أي ثابت لهم غاية الندم في الصباح وغيره ) ويقول الذين آمنوا ( من رفعه عطفه على معنى ) نادمين ( فإن أصله : يندمون، ولكنه عبر بالاسم إعلاماً بدوام ندمهم بشارة بدوام الظهور لهذا الدين على كل دين، أو على ) يقولون نخشى (، ومن أسقط الواو جعله حالا، ومن نصبه جاز أن يعطفه على ( يصبحوا ) أي يكون ذلك سبباً لتحقق المؤمنين أمر المنافقين بالمسارعة في أهل الكتاب عند قيامهم سروراً بهم والندم عند خذلانهم ومحقهم، فيقول بعض المؤمنين لبعض تعجباً من حالهم واغتباطاً بما من الله عليهم به من التوفيق في الإخلاص مشيرين إلى المنافقين تنبيهاً وإنكاراً :( أهؤلاء ) أي الحقيرون ) الذين أقسموا بالله ) أي وهو الملك الأعظم ) جهد أيمانهم ) أي مبالغين في ذلك اجتراء على عظمته ) إنهم لمعكم ( أيها المؤمنون ويجوز أن يكون هذا القول من المؤمنين لليهود في حق المنافقين حيث قاسموهم على النصرة ؛ ثم ابتدأ جواباً من بقية كلام المؤمنين أو من كلام الله لمن كأنه قال : فماذا يكون حالهم ؟ فقال :( حبطت ) أي فسدت فسقطت ) أعمالهم فأصبحوا ) أي فتسبب عن ذلك أنهم صاروا ) خاسرين ) أي دائمي الخسارة بتعبهم في الدنيا بالأعمال وخيبة الآمال، وجنايتهم في الآخرة الوبال، وعبر بالإصباح لأنه لا أقبح من مصابحة السوء لما في ذلك من البغة بخلاف ما ينتظر ويؤمل.
المائدة :( ٥٤ - ٥٨ ) يا أيها الذين.....
) يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ( ( )
ولما نهى عن موالاتهم وأخبر أن فاعلها منهم.
نفى المجاز مصرحاً بالمقصود فقال مظهراً لنتيجة ما سبق :( ياأيها الذين آمنوا ) أي أقروا بالإيمان من يوالهم منكم - هكذا كان الأصل، ولكنه صرح بأن ذلك ترك الدين فقال :( من يرتد ( ولو على وجه خفي - بما أشار إليه الإدغام في قراءة من سوى المدنيين وابن عامر ) منكم عن دينه (


الصفحة التالية
Icon