صفحة رقم ٥١٧
خاصة ) السميع العليم ( وهو وحده الضار النافع، يسمع منكم هذا القول ويعلم هذا المعقد السيء، وإنما قرن بالسميع العليم، دون البصيرإرادة التهديد لمن عبد غيره، لأن العبادة قول أو فعل، ومن الفعل ما محله القلب وهو الإعتقاد، ولا يدرك بالبصر بل بالعلم، والآية - كما ترى - من الاحتباك : دل بام أثبته لنفسه على سبيل القصر على نفيه في الجملة الأولى عن غيره، وبما نفاه في الجملة الأولى عن غيره على إثباته له - والله الموفق.
المائدة :( ٧٧ - ٧٨ ) قل يا أهل.....
) قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ( ( )
ولما قامت الأدلة على بطلان قول اليهود ثم على بطلان مدعى النصارى، ولم يبق لأحد علة، أمره ( ﷺ ) أ، ينهى الفريقين عن الغلو بالباطل في أمر عيسى عليه السلام : اليهود بإنزاله عن رتبته، ، لانصارة برفعه عنها بقوله تعالى :( قل ياأهل الكتاب ) أي عامة ) لا تغلوا ) أي تجاوزوا الحد علواً ولا نزولاً ) في دينكم ( ولما كان الغلو ربما أطلق على شدة الفحص عن الحقائق واستنباط الخفي من الأحكام والدقائق من خبايا النصوص، نفى ذلك بقوله :( غير الحق ( وعرّفه ليفيد أن المبالغة في الحق غير منهي عنها، وإنما المنهي عنها، وإنما المنهي عنه تجاوز دائرة الحق بكمالها، ولو نكر لكان من جاوز حقاً إلأى غيره واقعاً في النهي، كما جاوز الاجتهاد في الصلاة النافلة إلى الجد في العلم النافع، ولو قيل : باطلاً، لأوهم أن المنهي عنه المبالغة في الباطل، لا أصله ومطلقه.
ولما نهاهم أن يضلوا بأنفسهم، نهاهم أن يقلدوا في ذلك غيرهم فقال :( ولا تتبعوا ) أي فاعلين فعل من يجتهد في ذلك ) أهواء قوم ) أي هَوَوا مع ما لهم من القوة، فكانوا أسفل سافلين، والهوى لا يستعمل إلا في البشر ) قد ضلوا ( ولما كان ضلالهم غير مستغرق للزمان الماضي، أدخل الجار فقال :( من قبل ) أي من قبل زمانكم هذا عن منهاج العقل فصبروا على ضلالهم وأنسوا بما تمادوا عليه في محالهم ) وأضلوا ) أي لم يكفهم ضلالُهم في أنفسهم حتى أضلوا غيرهم ) كثيراً ) أي من الناس بتماديهم في الباطل من التثليث وغيره حتى ظن حقاً ) وضلوا ) أي بعد بعث النبي ( ﷺ ) بمنابذة الشرع ) عن سواء ) أي عدل ) السبيل ) أي الذي لا سبيل في الحقيقة


الصفحة التالية
Icon