صفحة رقم ٥٢٤
عبروا بمع دون ( في ) قولهم :( مع القوم الصالحين ( هضماً لأنفسهم وتعظيماً لرتبة الصلاح.
ولما ذكر قولهم الدال على حسن اعتقادهم وجميل استعدادهم، ذكر جزاءهم عليه فقال :( فأثابهم الله ) أي الذي له جميع صفات الكمال ) بما قالوا ) أي جعل ثوابهم على هذا القول المستند إلى خلوص النية الناشئ عن حسن الطوية ) جنات تجري ( ولما كان الماء لو استغرق المكان أفسد، أثبت الجار فقال :( من تحتها الأنهار ( ولما كانت اللذة لا تكمل إلا بالدوام قال :( خالدين فيها (.
ولما كان التقدير : لإحسانهم، طرد الأمر في غيرهم فقال :( وذلك ) أي الجزاء العظيم ) جزاء المحسنين ) أي كلهم، واختلفوا في هذه الواقعة بعد اتفاقهم على أنها في النجاشي وأصحابه، وذلك مبسوط في شرحي لنظمي للسيرة النبوية، فمن ذلك أنه لما قدم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من مهاجرة الحبشة مع أصحابه رضي الله عنهم قدم معهم سبعون رجلاً بعثهم النجاشي رضي الله عنه وعن الجميع وفداً إلى رسول الله ( ﷺ )، عليهم ثياب الصوف، اثنان وستون من الحبشة، وثمانية من أهل الشام، وهم بحيرا الراهب وأبرهة وإدريس وأشرف وثمامة وقثم ودريد وأيمن، فقرأ عليهم رسول الله ( ﷺ ) سورة يس إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا : ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى فأنزل الله فيهم هذه الآية
٧٧ ( ) لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم للذين آمنوا ( ) ٧
[ المائدة : ٨٢ ] - إلى آخرها، ذكر ذلك الواحدي في أسباب النزول بغير سند، ثم أسند عن سعيد بن جبير في قوله تعالى :
٧٧ ( ) ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً ( ) ٧
[ المائدة : ٨٢ ] قال : بعث النجاشي إلى رسول الله ( ﷺ ) من خيار أصحابه ثلاثين رجلاً، فقرأ عليهم رسول الله ( ﷺ ) يس فبكوا، فنزلت فيهم هذه الآية.
وإذا نظرت مكاتبات النبي ( ﷺ ) للملوك ازددت بصيرة في صدق هذه الآية، فإنه ما كاتب نصرانياً إلا آمن، أو كان ليناً ولو لم يسلم