صفحة رقم ٦٠٩
عظيم البحرين ليوصله إليه، فلما رأى النبي ( ﷺ ) بدأ باسمه الشريف مزق الكتاب قبل أن يعلم ما فيه، فرجع عبد الله، فلما سكن غضب الخبيث التمسه فلم يجده فأرسل في طلبه فسبق الطلب، فلما أخبر النبي ( ﷺ ) عن تمزيق الكتاب، دعا على كسرى أن يمزق كل ممزق، فأجاب الله دعوته فشتت شملهم وقطع وصلهم على يد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم قتل يزدجرد آخر ملوكهم في خلافة عثمان رضي الله عنه، فأصبح ملك الأكاسرة كأمس الدابر، وعم بلادهم الإسلام وظهرت بها كلمة الإيمان، بل تجاوز الإسلام ملكهم إلى ما وراء النهر وإلى بلاد الخطا.
وبعث حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية، فعلم من صدق النبي ( ﷺ ) ما علمه قيصر من الإنجيل، فأكرم الرسول وأهدى للنبي ( ﷺ ) ورد رداً جميلاً ولم يسلم، فأباد الله ملكه على يد عمرو بن العاص أمير لعمر رضي الله عنهما.
وبعث عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه إلى النجاشي فآمن رضي الله عنه وقال : أشهد أنه النبي ( ﷺ ) الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل عليهم السلام.
وأن العيان ليس بأشفى من الخبر، وأهدى للنبي ( ﷺ ) هدايا كثيرة، وأرسل ابنه بإسلامه في سبعين من الحبشة، وقال في كتابه : وإني لا أملك إلا نفسي ومن آمن بك من قومي، وإن أحببت أن آتيك يا رسول الله فعلتُ ؛ فصلى رسول الله ( ﷺ ) على النجاشي واستغفر له ؛ وبعث العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين وإلى أسيحت مرزبان هجر بكتاب يدعوهما فيه إلى الإسلام أو الجزية، وأرض البحؤين من بلاد العرب، لكن كان الفرس قد غلبوا عليها، وبها خلق كثير من عبد القيس وبكر بن وائل وتميم فأسلم المنذر وأسيحت وجميع من هناك من العرب وبعض العجم، فأقره النبي ( ﷺ ) على عمله ؛ وبعث سليط بن عمرو العامري رضي الله عنه إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة، وكان عاملاً لقيصر على قومه، فقرأ كتاب النبي ( ﷺ ) ورد رداً دون رد، فصادف أن قدم عليه راهب من دمشق، فأخبره أنه لم يجب إلى الإسلام، فقال : لم ؟ قال : ضننت بملكي، قال الراهب : لو تبعته لأقرك والخير لك في اتباعه، فإنه النبي ( ﷺ )، بشر به عيسى عليه السلام، قال هوذة للراهب :