صفحة رقم ٦٤٩
العدم إلى الوجود تارة ومن الوجود إلى العدم أخرى، فيقهر النور بالظلمة والظلمة بالنور، والنهار بالليل والليل بالنهار، إلى غير ذلك من ضروب الكائنات الممكنات ) ويرسل ( ورجع إلى الخطاب لأنه أصرح فقال ك ) عليكم ( من ملائكته ) حفظة ) أي يحفظون عليكم كل حركة وسكون لتستحيوا منهم وتخافوا عاقبة كنتبتهم، ويقوم علييكم بشهادتهم الحجة على مجاري عاداتكم وإلا فهو سبحانه وتعالى غني عنهم، لأنه العالم القادر فيحفظونكم على حسب مراده فيكم ) حتى إذا جاء (
ولما كان تقديم المفعول أخوف قال :( أحدكم الموت ) أي الذي لا محيد له عنه ولا محيص ) توفته ) أي أخذت روحه كاملة ) رسلنا ( من ملك الموت وأعوانه على ما لهم من العظمة بالإضافة إلينا ) وهم لا يفرطون ( في نفس واحد ولا ما دونه وإلا مت فوقه بالتواني عنه ليتقدم ذلك عن وقته أو يتأخر، ولما أشار سبحانه إلى قوله بالجنود التي تفوت الحصر وإن كانم معهم غنيا بصفة القهر نبه بصيغة المجهول إلى استحضار عظمته وشامل جبروته وقدرته، فقلا :( ثم ) أي بعد حبسهم في قيد البرزخ ) ردوا ) أي ردهم راد منه لا يستطيعون دفاعه أصلا ) إلى الله ) أي الذي لا تحد عظمته ولا تعد جنوده وخدمته ) مولهم ) أي مبدعهم ومدبر أمورهم كلها ) الحق ) أي الثابت الولاية، وكل ولاية غير ولايته من الحفظة وغيرهم عدم، لأن الحفظة لا يعلمون إلا ما ظهر لهم، وهو سبحانه يعلم السر وأخفى.
ولما أستحضر المخاطب عزته وقهره، وتصور جبروته وكبره، فتأهل قلبه وسمعه لما يلقى إليه ويتلى عليه، قال ) ألا له ) أي وحده حقا ) الحكم ( ولما كان الانفراد بالحكم بين جميع الخلق أمرا يحير الفكر، ولا يكاد يدخل تحت الوهم، قال محقرا في جنب قدرته :( وهو ) أي وحده ) أسرع الحاسبين ( يفضل بين الخلائق كلهم في أسرع من اللمح كما أنه يقسم أرزاقهم في الدنيا في مثل ذلك، لا يقدر أحد ألأن ينفك عن عقابه بمطاولة في الحساب ولا مغالطة في ثواب ولا عقاب، لأنه سبحانه لا يحتاج إلى فكر وروية ولا عقد ولا كتابة، فال يشغله حساب عن حساب ولا شيء عن شيء.
الأنعام :( ٦٣ - ٦٦ ) قل من ينجيكم.....
) قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ( ( )