صفحة رقم ٧٦
لدنك ( قال الحرالي : طلب عليه من باطن الأمر كما قال سبحانه وتعالى :( ) وعلمناه من لدنا علماً ( ) [ الكهف : ٦٥ ]، وكما قال فيه ) ) وحناناً من لدنا ( ) [ مريم : ١٣ ]، لأن كل ما كان من لدن فهو أبطن من عند ) ذرية ( فيه إشعار بكثرة ونسل باق، فأجيب بولد فرد لما كان زمان انتهاء في ظهور كلمة الروح وبأنه لا ينسل فكان يحيي حصوراً لغلبة الروحانية على إنسانيته - انتهى.
) طيبة ) أي مطيعة لك لأن ذلك طلبة أهل الخصوص، ثم علل إدلاله على المقام الأعظم بالسؤال بقوله :( إنك سميع الدعاء ) أي مريده ومجيبه لأن من شأن من يسمع - ولم يمنع - أن يجب إذا كان قادراً كاملاً، وقد ثبتت القدرة بالربوبية الكاملة التي لا تحصل إلا من الحي القيوم، بخلاف الأصنام ونحوها مما عبد فإنها لا تسمع، ولو سمعت لم تقدر على الإجابة إلى ما تسأل فيه لأنها مربوبة.
قال الحرالي : أعلم الداعي بما لله سبحانه وتعالى من الإجاة، والقرب ( وسيلة في قبول ) دعائه - انتهى.
آل عمران :( ٣٩ - ٤٣ ) فنادته الملائكة وهو.....
) فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَآءِ الْعَالَمِينَ يمَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ( ( )
ولما كان الله سبحانه وتعالى عند ظن عبده به سمع دعاءه كما قال ) فنادته ) أي فتسبب عن دعائه وحسن رجائه أن نادته ) الملائكة ( يعني هذا النوع، لا كلهم بل ناداه البعض، وكان متهيئاً بما آتاه الله سبحانه وتعالى من المفضل لمناداة الكل، كما هو شأن أهل الكمال من الرسل ) وهو قائم يصلي في المحراب ( وهو موضع محاربة العابد للشيطان، وهو أشرف الأماكن لذلك.
قال الحرالي : فيه إشعار بسرعة إجابته ولزومه معتكفه وقنوته في قيامه وأن الغالب على صلاته القيام لأن الصلاة قيام، وسجود يقابله، وركوع متوسط، فذكرت صلاته بالقيام إشعاراً بأن حكم القيام غالب عليها - انتهى.
ثم استأنف في قراءة حمزة وابن عامر بالكسر لجواب من كأنه قال : بأي شيء نادته الملائكة ؟ قوله :( أن الله يبشرك ( قال الحرالي : فذكر الاسم الأعظم المحيط معناه بجميع معاني الأسماء، ولم يقل إن ربك لما كان أمر إجابته من وراء الحكمة العادية ؛ وفي قوله :( بيحيى ( مسمى بصيغة الدوام - مع أنه كما قيل : قتل - إشعار بوفاء حقيقة


الصفحة التالية
Icon