صفحة رقم ٧٧
الروحانية الحياتية فيه دائماً، لا يطرقه طارق موت الظاهر حيث قتل شهيداً - انتهى.
) مصدقاً بكلمة ) أي نبي خلق بالكلمة لا بالمعالجة العادية، يرسله الله سبحانه وتعالى إلى عباده فيكذبه أكثرهم ويصدقه هو، وإطلاق الكلمة عليه من إطلاق السبب على المسبب قال الحرالي : فكان عيسى عليه الصلاة والسلام كلمة الله سبحانه وتعالى، ويحيى مصدقه بما هو منه كمال كلمته حتى أنهما في سماء واحدة، ففي قوله :( من الله ( إشعار بإحاطته في ذات الكلمة - انتهى ) وسيداً وحصوراً ) أي فلا يتزين بزينة لأنه بالغ الحبس لنفسه والتضييق لعيها في المنع من النكاح.
قال في القاموس : والحصور من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك، أو الممنوع منهن، أو من لا يشتهيهن ولا يقربهن، والمجبوب - والهَيوب المحجم عن الشيء.
وقال الحرالي : وهو من الحصر وهو المنع عما شأن الشيء أن يكون مستعملاً فيه - انتهى ) ونبياً ( ولما كان النبي لا يكون إلا صالحاً لم يعطف بل قال :( من الصالحين ( إعلاماً بمزية رتبة الصلاح واحتراز من المتنبيين، فكأنه قيل : فما قال حين أجابه ربه سبحانه وتعالى ؟ فقيل :( قال ( يستثبت بذلك ما يزيده طمأنينة ويقيناً وسكينة ) رب ) أي أيها المحسن إلي.
ولما كان مطلوبه ولداً يقوم مقامه فيما هو فيه نم النبوة التي لا يطيقها إلا الذكور الأقويا الكلمة، وكانت العادة قاضية بأن ولد الشيخ يكون ضعيفاً لا سيما إن كان حرثه مع الطعن في السن في أصله غير قابل للزرع أحب أن يصرح له بمطلوبه فقال :( أنّى ) أي كيف ومن أين ) يكون لي ( وعبر بما تدور مادته على الغلبة والقوة زيادة في الكشف فقال :( غلام ( وفي تعبيره به في سياق الحصور دليل على أنه في غاية ما يكون من صحة الجسم وقوته اللازم من شدة الداعية إلى النكاح، وهو مع ذلك يمنع نفسه منه منعاً زائداً على الحد، لما عنده من غلبة لاشهود اللازم منه الإقبال على العبادة بكليته والإعراض عن كل ما يشغل عنها جملة لا سيما النكاح، بحيث يظن أنه لا إرب له فيه، وهذا الموافق للتعبير الأول للحصور في القاموس، وهو الذي ينبغي ألا يعرج على غيره لأنه بناء مبالغة من متعد، ولأنه أمدح له ( ﷺ )، ومهما دار الشيء على صفة الكمال في الأنبياء عليهم السلام وجب أن لا يعدل عنه، وما ورد - كا يأتي إن شاء الله تعالى في سورة مريم عليها السلام - أن النبي ( ﷺ ) قال :( ذكره مثل هذه القذاة ) فقد ضعفوه، وعلى تقدير صحته فيكون ذلك إخباراً عن أنه لما أعرض عنه رأساً ضعف ما معه