صفحة رقم ٨٠
يتزوج ويولد له - كما ذكر، ولك كله فيما يشعر به ميم التمام في ابتداء الاسم وانتهائه، وفيما بين لاتمامين من كريم التربية لها ما يشعر به الراء من تولي الحق لها في تربيتها ورزقها، وما تشعر به الياء من كمالها الذي اختصت على عالمها - انتهى.
والمراد باتباع قصتها لما مضى التنبيه على انخراطها في سلك ما مضى من أمر آدم ويحيى إفصاحاً، وإبراهيم في ابنية إلاحة في خرق العادة فيهم، وأن تخصيصها بالإنكار أو التعجب والتنازع مع الإقرار بأمرهم ليس من أفعال العقلاء ؛ والظاهر أن المراد بالسجود في هذا المقام ظاهره وبالركوع الصلاة نفسها، فكأنه قيل : واسجدي مصلية ولتكن صلاتك مع المصلين أي في جماعة، فإنك في عداد الرجال لما خصصت به من الكمال، ولم يقل : مع الراكعات، لأن الاقتداء بالرجال أفضل وأشرف وأكمل، وإنما قلت هذا لأني تتبعت التوراة فلم أره ذكر فهيا الركوع في صلاة إبراهيم عليه السلام ولا من بعده من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا أتباعهم إلا في موضع واحد لا يحسن جعله فيه على ظاهره، ورأيته ذكر الصلاة فهيا على ثلاثة أنحاء : الأول إطلاق لفظها من غير بيان كيفية، والثاني إطلاق لفظ السجود مجرداً، والثالث إطلاقه مقروناً بركوع أو جثو أو خرور على الوجه ونحو ذلك ؛ ففي السفر الأول منها في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين ماتت زوجته سارة رضي الله تعالى وسأل بني حاث أهل تلك الأرض أن يعطوه مكاناً يدفنها فيه فأجابوه : فقام إبراهيم فسجد لشعب الأرض بني حاث وكلمهم ؛ وفيه في قصة ربانية قال : وسجد على الأرض وقال : يا رب - فذكر دعاء ثم قال : وصلى إبراهيم بين يدي الرب ؛ وفيه في قصة عبد لإبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه ذهب إلى بلاد حران يخطب لإسحاق عليه السلام امرأة فظفر بقصده : فجثا الرجل - أي عبد إبراهيم - على الأرض فسجد للرب وقال : تبارك الله رب سيدي إبراهيم ؛ وفيه لما أجابه أهل المرأة : فلما سمع غلام إبراهيم كلامهم سجد على الأرض قدام المرأة، فسجدوا - أي لعيصوا، ودنت لنا وولدها فسجدوا ؛ فلما كان أخيراً دنت راحيل ويوسف فسجدوا ؛ وفيه في قصة يوسف عليه السلام : ودنا إخوته فخروا له سجداً وقالوا ل : ها نحن لك عبيد ؛ وفي السفر الثاني عند قدوم موسى عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل وإخباره لهم بإرسال الله سبحانه وتعالى له وإظهاره لهم الآيات : فآمن الشعب وسمعوا في خروجهم من مصر : فركع الشعب كله ساجداً لله سبحانه وتعالى ؛ وفيه : فاستعجل موسى فخر على وجهه على الأرض ساجداً ؛ وفيه في تلقي موسى عليه السلام لخنته


الصفحة التالية
Icon