صفحة رقم ٨٨
جداً حتى عند أهل الاصطفاء فقال :( لديهم ( قال الحرالي : لدى هي عند حاضرة لرفعة ذلك الشيء الذي ينبأ به عنه - انتهى.
) إذ يلقون ( لأجل القرعة - ) أقلامهم ( قال الحرالي : جمع قلم، وهو مظهر الآثار المنبئة عما وراءها من الاعتبار - انتهى ) أيهم ) أي يستهمون أيهم ) يكفل مريم ) أي يحضنها ويربيها تنافساً في أمرها لما شرفها الله تعالى به ) وما كنت لديهم إذ ) أي حين ) يختصمون ) أي في ذلك حتى نقصّ مثل هذه الأخبار على هذا الوجه السديد - يعني أنه لا وجه لك إلى علم ذلك حتى نقصّ مثل معهم إذ ذاك، أو أخذ ذلك عن أهل الكتاب، أو بوحي منا ؛ ومن الواضح الجلي أن بعد نسبتك إلى التعلم من البشر كبعد نسبتك إلى الحضور بينهم في ذلك الوقت، لشهرتك بالنشأة أمياً مباعداً للعلم والعلماء حتى ما يتفاخر به قومك من السجع ومعاناة الصوغ لفنون الكلام على الوجوه الفائقة، فانحصر إخبارك بذلك في الوحي منا، وجعل هذا التنبيه في نحو وسط هذا القصص ليكون السامع على ذكر مما مضى ويلقي السمع وهو شهيد لما بقي، وجعله بعد الافتتاح بقصة مريم عليها السلام تنبيهاً على عظم شأنها وأنها المقصودة بالذات للرد على وفد نصارى نجران، وكأنه أتبع التنبيه ما كان في أول القصة من اقتراعهم بالأقلام واختصامهم في كفالتها لخفائه إلى على خواص أهل الكتاب، هذا مع ما في مناسبة الأقلام للبشارة بمن يعلمه الكتاب، واستمر في إكمال المقال على ذلك الأسلوب الحكيم حتى تمت الحجة واستقامت المحجة فقال تعالى مبدلاً من إذ الأولى إيذاناً بأن ما بيناه اعتراض لما نبه عليه من شريف الأغراض :( إذ قالت الملائكة يا مريم ( ولما كانت هذه السوةر سورة التوحيد المقتضي للتفرد بالعظمة عبر ما صدرت به من اسم الذات الجامع لجميع الصفات فقال :( إن الله ) أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له، فلا راد لأمره ) يبشرك ( وكرر هذا الاسم الشريف في هذا المقام زيادة في إيضاح هذا المرام بخلاف ما يأتي في سورة مريم عليها السلام، وقوله :( بكلمة ) أي مبتدئة ) منه ( من غير واسطة أب هو من تسمية المسبب باسم السبب، والتعبير بها أوفق لمقصود السورة وأنفى لما يدعيه المجادلون في أمره، ثم بين أنه ليس المراد بالكلمة حقيقتها، بل ما يكون عنها ويكون فعالاًَ بها فقال مذكراً للضمير :( اسمه ) أي الذي يتميز به عمن سواه مجموع ثلاثة أشياء :( المسيح ( أصل هذا الوصف أنه كان في شريعتهم : من مسحه الإمام بدهن القدس كان طاهراً متأهلاً للملك والعلم والمزايا الفاضلة مباركاً، فدل سبحانه وتعالى على أن عيسى عليه الصلاة والسلام ملازم للبركة الناشئة عن المسح وإن لم يُمسَح ؛ وأما وصف الدجال بذلك فإما أن يكون لما كان هلاكه على يد عيسى عليه الصلاة واسلام وصف بوصفه - من باب التسمية