صفحة رقم ٩٧
الحرالي : من الإحساس وهو منال الأمر بادراً إلى العم والشعور الوجداني - انتهى ) عيسى منهم الكفر ) أي علمه علم من شاهد الشيء بالحس ورأى مكرهم على ذلك يتزايد وعنادهم يتكاثر بعد أن علم كفرهم علماً لا مرية فيه، فاستغاث بالأنصار وعلم أن منجنون الحرب قد دار، فعزم على إلحاقهم دار البوار ) قال من أنصاري ( ولما كان المقصود ثبات الأنصار معه إلى أن يتم أمره عبر عن ذلك بصلة دلت على تضمين هذه الكلمة كلمة توافق الصلة فقال :( إلى ) أي سائرين أو واصلين معي بنصرهم إلى ) الله ) أي الملك الأعظم ) قال الحواريون ( قال الحرالي : جمع حواري وهو المستخلص نفسه في نصرة من تحق نصرته با كان من إيثاره على نفسه بصفاء وإخلاص لا كدر فيه ولا شوب - انتهى.
وهو مصروف لأن ياءه عارضة ) نحن أنصار الله ) أي الذي أرسلك وأقدرك على ما تأتي به من الآيات، فهو المحيط بكل شيء عزة وعلماً، ثم صححوا النصرة وحققوا بأن عللوا بقولهم :( آمنا بالله ) أي على ما له من صفات الكمال، ثم أكدوا ذلك بقولهم خاطبين لعيسى عليه الصلاة والسلام رسولهم أكمل الخق إذ ذاك :( واشهد بأنا مسلمون ) أي منقادون لجميع ما تأمرنا به كما هو حق من آمن لتكون شهادتك علينا أجدر لثباتنا ولتشهد لنا بها يوم القيامة.
ثم لما خاطبوا الرسول أدباً ترقوا إلى المرسل في خطابهم إعظاماً للأمر وزيادة في التأكيد فقالوا مسقطين لأداة النداء استحضاراً لعظمته بالقرب لمزيد القدرة وترجي منزلة أهل الحب :( ربنا آمنا بما أنزلت ) أي على ألسنة رسلك كلهم ) واتبعنا الرسول ( الآتي ) مع الشاهدين ) أي الذي قدمت أنهم شهدوا لك بالوحدانية مع الملائكة، ولعله عقب ذلك بقوله :( ومكروا ( المعطوف على قوله :( قال من أنصاري إلى الله ( بالإضمار الصالح لشمول كل من تقدم له ذكر إشارة إلى أن التمالؤ عليه يصح أن ينسب إلى المجموع من حيث هو مجموع، أما مكر اليهود فمشهور، وأما الحواريون الاثنا عشر فنقض أحدهم وهو الذي تولى كبر الأمر وجر اليهود إليه ودلهم عليه - كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى في سورة النساء، وترتيب المكر على الشرط يفهم أنهم لما علموا إحساسه بفكرهم خافوا غائلته فأعملوا الحيلة في قتله.
والمكر - قال الحرالي - إعمال الخديعة والاحتيال في هدم بناء ظاهر كالدنيا، والكيد أعمال الخدعة والاحتيال في هدم بناء باطن كالتدين والتخلق وغير ذلك، فكان المكر خديعة حس والكيد خديعة معنى - انتهى.
ثم إن مكرهم تلاشى واضمحل بقوله :( ومكر الله ) أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً.