صفحة رقم ١٨٢
إليهم زمر الأمداد من سائر العباد، كما ذكره الحافظ أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي المغربي في فتوح البلاد من كتابه الاكتفاء في سيرة المصطفى وأصحابه الثلاثة الخلفاء، وكذا شيخةالخطيب أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حبيش في كتابه الذي جمعه في الفتوح، قالا وقعه اليرموك من فتوح الشام عن حديث سيف بن عمر وهذا لفظ ابن سالم : قال : وكان القارئ يوم ذاك المقداد، قالوا : ومن السنة التي سن رسول الله ( ﷺ ) بعد بدر أن نقرأ سورة الجهاد عند اللقاء، وهي سورة الأنفال، ولم يزل الناس بعد على ذلك ؛ قالا في وقعه القادسية من فتوح فارس واللفظ لابن سالم أيضاً قالوا : ولما صلى سعد - يعني ابن أبي وقاص - رضي الله عنه الظهر أمر غلاماً كان عمر رضي الله عنه ألزمه إياه وكان من القراء يقرأ سورة الجهاد، وكان المسلمون كلهم إذ ذاك يتعلمونها فقرأها على الكتبية التي تليه، وقرئت في كل كتيبة، فهشت قلوب الناس وعرفوا السكينة مع قراءتها، قال مصعب بن سعيد : وكانت قراءتها سنة يقرأها رسول الله ( ﷺ ) عند الزخرف ويستقرئها، فعمل الناس بذلك - انتهى.
ومناسبتها للأعراف انه لما ذكر تعالى - كما تقدم - قصص الأنبياء عليهم السلام مع أممهم في تلك، ناسب أن يذكر قصة هذا النبي الكريم صلى عليه وسلم مع قومه، وتقدم أنه لما أطنب سبحانه في قصة موسى عليه السلام كان ذلك ربما أوهم تفضيله على الجميع، فأتى بقصة المخاطب بهذا القرىن في سورتين كاملتين، الأنفال في أول أمره وأثانه، وبراءة في ختام أمره وانتهائه، وفرق بين القصتين، وذلك أن قوم مةوسى عليه السلام كانوا في سوء العذاب، وكانوا يعلمون عن اسلافهم أن الله سيذكرهم وينجيهم من أيدي القبط، فلما أتاهم موسى عليه السلام وبين لهم الآيات التي أمره الله بها لم يشكوا في انه الموعود به من رحمة الله لهم، وإتيانه نفع لهم عاجل مع ما فيه من النفع الآجل، فأطبقوا على أتباعه، وكانوا أكثر من ستمائة الف مقاتل، ومع ذلك فقد كانوا يخالفون عليه في كل قليل، ولا يجدون قلوباً يواجهون بها القبط في الإباء عن امتثال أوامرهم، وأما محمد ( ﷺ ) فاتى قومه ولا حس عندهم من نبوة ولا علم لهم بها، ولم يكونوا تحت ذل أحد، بل كانوا ملوك العرب، فعندهم أنه جاء يسلبهم عزهم ويصيرهم له تبعاً فخالفوا اشد المخالفة ولم يدعوا كيداً حتى باشروه في رده عما جاء به، ومع ذلك فنصره الله عليهم ولم يزل يؤيده حتى دخل الناس هم وغيرهم في دين الله افواجاً، واظهر دينه على الدين كله كماوعده سبحانه، ثم أيد أمره من بعده ولم يزل اتباعه ظاهرين ولا يزالون إلى يوم الدين، فبين القصتين فرقان لأولى الإبصار والإيقان، وأما مناسبة أولها لآخر تلك فقد تبين أن آخر الأعراف آخر قصة موسى عليه السلام المختتمة بقصة بلعام وأن ما بعد ذلك إنما هو