صفحة رقم ١٨٣
تتمات لما تقدم لا بد منها وتتمات للتتمات حتى كان آخر ذلك مدح من أهلهم لعنديته سبحانه بالإذعان وتمام الخضوع، فلما أضيفوا إلى تلك الحضرة العالية، اقتضى ذلك سؤالاً عن حال الذين عند المخاطب ( ﷺ ) فأجيب بقوله تعالى :( يسألونك ) أي الذين عند ربك هم الذين هزموا الكفار في الحقيقة كما علمتم ذلك - وسيأتي بيانه، فهم المستحقون للأنفال وليس لهم إليها التفات وإنما همهم العبادة، والذين عندك إنما جعلنهم آلة ظاهرة ومع ذلك فهم يسألون ) عن الأنفال ( التي توليتهم إياها بأيدي جنودي سؤال منازعة ينبغي الاستعادة بالله منها - كما نبه عليه آخر الأعراف - لأن ذلك يفضي إلى افتراق الكلمة والضعف عن مقاومة الأعداد، وهو جمع نفل - بالتحريك، وهو ما يعطاه الغازي زيادة على سهمه، والمراد بها هنا الغنيمة، وهي المال المأخوذ من أهل الحرب قهراً، سميت هنا بذلك لأن اصلها في اللغة الزيادة، وقد فضل المسلمون بها على سائر الأمم ولما كان السؤال عن حكمها، كا كأنه قيل : فماذا يفعل ؟ فقال دالاً على انهم سألوا عن مصرفها وحكمها - ليطابق الجواب السؤال :( قل ) أي لهم في جواب سؤالهم ) الأنفال لله ) أي الذي ليس النصر غلا من عنده لما له من صفات الكمال ) الرسول ) أي الذي كان جازماً بأمر الله مسلماً لقضائه ماضياً فيما أرسله به غير متخوف من مخالطة الردى بموافقة العدى ؛ قال أبو حيان : ولا خلاف أن الآية نزلت في يو بدر وغنائمه، وقال ابن زيد : لا نسخ، إنما أخبر أن الغنائم لله من حيث إنها ملكه ورزقه، وللرسول عليه السلام من حيث إنها ملكه ورزقه، وللرسول عليه السلام من حيث هو مبين لحكم الله والصادع فيها بأمره ليقع التسليم من الناس، وحكم القسمة نازل خلال ذلك - انتهى.
ولما أخبر سبحانه أنه لا شيء لهم فيها إلا عن أمر الله ورسوله، وكان ذلك موحباً لتوقفهم إلى بروز امره سبحانه على لسانه رسوله ( ﷺ )، وكانت التقوى موجبة للوقوف خوفاً حتى يأتي الدليل الذي يجسّر على المشي وراءه، سبب عن ذلك قوله :( فاتقوا الله ( اي خافوا خوفاً عظيماً في جميع أحوالكم من الذي لا عظمة لغيره ولا أمر لسواه، فلا تطلبون شيئاً بغير أمر رسول الله ( ﷺ ) ولا تتخاصموا، فإن الله تعالى الذي رحمكم بإرسال رسول لنجاتكم وغنزال كتاب لعصمتكمغير مهمل ما يصلحكم، فهو يعطيكم ما سبق في علمه الحكم بأنه لكم، ويمنعكم ما ليس لكم ) وأصلحوا ذات بينكم ) أي الحال التي هي صاحبة افتراقكم واجتماعكم، فإن أغلب امرها البين الذي هو القطيعة، وقد أشرفت على الفساد بطلب كل فريق الأثرة على صاحبة فأقبلوا على رعايتها بالتسليم لأمر الله ورسوله الأمرين بالإعراض عن الدنيا ليقسمها بينكم على سواء، القوي