صفحة رقم ١٩
سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما علم بهذا أن للكون في الأرض آخراً، وكان من الفلاسفة التناسخية وغيرهم ممن يقر بالوحدانية من يقول : إن النفوس مجردة عن الجسمية وعلائقها وإنه إذا هللك الجسد اتصلت بالعلوياتإما بكوكب أو غيره أو انحطت في سلك الملائكة وبطل تعلقها بالبدن من كل وجه فبل تتصل به لا بتدبير ولا غيره ولا بالبعث - عند من قال منهو بالبعث كان كأنه قيل : فماذا يكون بعد ذلك ؟ فاجيب بقوله ) قال ) أي الله راداً عليهم ما يعتقدون من بطلان التعلق بالبدن معبراً بالخطاب بالضمير الذي يعبر عن هذا الهيكل المخصوص روحاً وجسداً ) فيها ) أي الرلا في غيرها ) تحيون ) أي أولاً وثانياً على ما أنتم عليه بظواهركم وبواطنكم ابداناً وأرواحاً ) وفيها ) أي كذلك لا في غيرها كما أنتم لذلك مشاهدون ) تموتون ) أي من الحياة الأولى بجملتكم فيكون للارواح تعلق بالأبدان بوجه ما حتى يعقد الميت في القبر ويجيب سؤال الملكين عليهما السلام وتلتذ الأجساد بلذتها وتتألم بتألمها فأشير إلى الحشر مع تفصيل حال الكون في الرض وختمت القصة بما ابتدئت به من الإعلام بالبعث بقوله :( ومنها ) أي لا من غيرها بإخبار الصادق ) تخرجون ) أي روحاً وبدناً بعد موتكم فيها وعودكم إلى ما كنتم عليه أولاً تراباً للجزاء وإظهار ثمرة الملك بإنصاف بعضكم من بعض والتحلي بصفة العدل فما كان بعضكم يفغل مع بعض من العسف والجور الذي لا يرضي اقل رؤسائكم أن يقر عليه عبيده وعلم بهذا أن الدلالة على الحشر فذلكة القصة، وهذا أبين من ذكره فيما مضى في قوله
٧٧ ( ) فلسئلن الذين أرسل إليهم ( ) ٧
[ الأعراف : ٦ ] ولما بين فيما مضى أن موجب افخراج من الجنة هو ما أوجب كشف السوءة من المخالفة وفرغ مما استتبعه حتى أخبره بأنه حكم بإسكاننا هذه الدار شرع يحذرنا من عدونا كما حذر أبانا عليه السلام وبدا بقوله بياناً لأنه أنعم علينا فيها بكل ما يحتاج إليه في الدين والدنيا وإيذاناً بما في كشف العورة من الفضيحة والإبعاد عن كل خير وإشعاراً بأن التستر باب عظيم من ابواب التقوى ) يابني آدم ( ولما كان الكلام في كشف العورة وأن آدم عليه السلام أعوزه الساتر حتى فزع إلى الورق كان موضع أن يتوقع ما يكون في ذلك فقال مفتتحاً بحرف التوقع :( قد انزلنا ) أي بعظمتنا ) عليكم ( من آثار بركات السماء إما ابتداء بخلقه وإما بإنزال اسبابه لمطر ونحوه ) لباساً ( اي لم يقدر عليه ابوكم في الجنة ) يواري سوأتكم ( إرشاداً


الصفحة التالية
Icon