صفحة رقم ١٩٥
الْمَصِيرُ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ) ٧٣
( ) ٧١
ذلكم ) أي هو سبحانه بما له من هذا الوصف الهائل يذيق عدوه من عذابه ما لا طاقة لهم به ولا يدان، فيصير لسان الحال مخاطباً لهم نيابة عن المقال : الأمر الذي حذرتكم نه الرسل واتتكم به الكتب وكنتم تستهزئون به أيها الكفرة هو هذا الأمر الشديد وقعه البعيد على من ينزل عليه دفعه دهمكم، فما لكم لا تدفعونه كلا والله شغل كلاًّ ما قابله ولم يقدر أن يزاوله ولما كان ما وقع لهم في وقعة بدر من القتل والأسر ولبقهر يسيراً جداً بالنسبة إلى ما لهم في الآخرة، سماه ذوقاً لأنه يكون بالقليل ليعرف به حال الكثير فقال :( فذوقوه ( اي باشروه قهراً مباشرة الذائق واعلموا أنه بالنسبة إلى ما تستقبلونه كالمذوق بانسبة إلى المذوق لأجله ) وأنَّ ) أي والأمر الذي اتتكم به الرسل والكتبأن لكم مع هذا الذي ذقتموه في الدنيا، هكذا كان الأصل ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً بالوصف فقال :( للكافرين ) أي الذي كفرهم وإن لم يظهروا المشاققة ) عذاب النار ( وهو مواقعكم وهو أمبر وسترون ولما قرر إهانتهم في الدنيا والآخرة بما حسر عليهم القلوب، حسن أن يتبع ذلك نهي من ادعى الإيمان عن الفرار منهم وتهديد من نكص عنهم بعد هذا البيان وهو يدعي الإيمان فقال :( يأيها الذين آمنوا ) أي بما أتاهم من عند ربهم ) إذا لقيتم الذين كفروا ) أي بآيات ربهم فشاققوه، وعبر عن حال لقائهم بالمصدر مبالغة في التشبيه فقال :( زحفاً ) أي حال كونهم زاحفين محاربين وهم من الكثرة بحيث لا يدرك من حركتهم - وغن كانت سريعة - إلا مثلل الزحف ) فلا تولوهم الأدبار ) أي هرباً منهم وإن كنتم اقل منهم ) ومن يولهم ( ولما كان الأغلب في وقوع القتال النهار، وكان التولية مما لا يكون الظرف معياراً له لأنها مما لا يمتد زمنه، فالعصيان يقع النهار، بمجرد الالتفات بقصد الفرار، والتمادي تكرير بعد الفر مع عدم الالتباس، فإن الظرف لا يكون معياراً للفعل إلا إذا كان ممتد الزمان كالصوم فقال ) يومئذ ) أي إذ لقيتم على هذه الحالة في ايّ وقت كان من أوقات القتال من ليل كان أو نهار ) دبره ) أي يجعل ظهره إليهم لشيء من الأشياء تولية


الصفحة التالية
Icon