صفحة رقم ١٩٦
لا يريد الإقبال إلى القتال منها ) إلا ( حال كونه ) متحرفاً ( أو الحال التحرف، وهو الزوال عن جهة الاستواء ) لقتال ) أي لا يتسهل له إلا بذلك يخيل إلى عدوه انه منهزم خداعاً له ثم يكر عليه ) أو متحيزاً ) أي منتقلاً من خيز إلى آخر ومنتجاً ) إلى فئة ) أي جماعة أخرى من أهل حزبه هم أهل لآن يرجع إليهم ليستعين بهم أو يعينهم ولما كان هذا محل توقع السامع للجواب وتفريغ ذهنه له، أجاب رابطاً بالفاء إعلاماً بان الفعل المحدث عنه سبب لهذا الجزاء فقال :( فقد باء ) أي رجع ) بغضب من الله ( اي الحائز لجميع صفات الكمال ) ومأواه جهنم ) أي تتجهمه كما أنه هاب تجهم الكفار ولقاء الوجوه العابسه بوجه خكالح عابس ) وبئس المصير ( هذا إذا لم يزيد الكفار عن الضعف - كما سياتي النص به.
ولما تقدم إليهم في ذلك، علل بتقرير عزته وحكمته، وأن النصر ليس إلامن عنده، فمن صح إيمانه لم يتوقف عن امتثال أوامره، فقال مسبباً عن تحريمه الفرارل وإن كان العدو كثيراً، تذكيراً بما صنع لهم في بدر، ليجريهم على مثل ذلك، ومنعاً لهم من الإعجاب بما كان على أيديهم في ذلك اليوم من الخوارق ) فلم تقتلونهم ) أي حلّ على المدبر الغضب لأنه تبين لكل مؤمن أنه تعالى لا يأمر أحداً إلا بما هو قادر سبحانه على تطويقه له، فإنه قد وضح مما يجري على قوانين العوائد أنكم لم تقتلوا قتلى بدر وإن تعاطيتم أسباب قتلهم، لأنكم لم تدخلوا قلوب ذلك الجيش العظيم الرعب الذي كان سبب هزيمتهم التي كانت سبب قتل من قتلتم، لضعفكم عن مقاومتهم في العادة، وفيه مع ذلك زجر لهم عن اي يقول أحد منهم على وجه الافتخار : قتلت كذا وكذا رجلا~ً وفعلت كذا ) ولكن الله ) أي الذي له الأمر كله فلا يخرج شيء عن مراده ) قتلهم ) أي بأن هزمهم لكم لما رأوا الملائكة وامتلأت أعينهم من التراب الذي رماهم به ( ﷺ ) وقلوبهم جزعاً حتى تمكنتم من قتلهم خرق عادة كان وعدكم بها، فصدق مقاله وتمت أفعاله ولما رد ما باشره إليه سبحانه، أتبعه ما باشره نبييه ( ﷺ ) دلالة على ذلك لأنه ( ﷺ ) لما راى قريشاً مقبلة قال : اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، فقال جبرائيل عليه السلام : خذ قبضة من تراب فارمهم بها، ففعل فملأت أعينهم فانهمزوا فقال :( وما رميت ) أي ياسيد المؤمنين الرمل في أعين الكفار ) إذ


الصفحة التالية
Icon