صفحة رقم ٢١٩
في التعميم حتى لأقل ما يمكن بقوله :( من شيء ) أي حتى الخيط والمخيط فإنه كله له، لأنه الناصر وحده وإنما أنتم آلة لا قدرة لكم على مقاومة الأعداء لأنهم جميع أهل الأرض ولا نسبة لكم منهم في عدد ولا قوة أصلاً، فالجاري على منهاج العدل المتعارف عندكم أن يأخذه كله ولا يمكنكم من شيء منه كما كان فيمن قبلكم، يعزل فتنزل نار من السماء فتأكله، ولكنه سبحانه - علم ضعفكم فمنّ عليكم به ورضي منكم منه بالخمس فسماه لنفسه ورده عليكم، وهو معنى قوله :( فان لله ) أي الذي له كل شيء ) خمسه ( ولما كان من المعلوم ان الله تعالى اجلّ من أن يناله نفع أو ضر، كان من المعلوم أن ذكر اسمه سبحانه إنما هو للإعلام بأن إيلام هذا الخمس والتخلي عنه لا حظ للنفس فيه، وإنما هو لمخص الدين تقرباً إليه سبحانه، فذكر مصرفه بقوله :( وللرسول ( اي يصرف إليه خمس هذا الخمس ما دام حياً ليصرفه في مصالح المسلمين، ويصرف بعده إلى القائم مقامه، يفعل فيه ما كان ( ﷺ ) يفعله ) ولذى القربى ) أي من الرسول، وهم الال الذين تحرم عليهم الزكاة : بنوهم هاشم وبنوالمطلب ) واليتامى ) أي لضعفهم ) والمساكين ( لعجزهم ) وابن السبيل ) أي المسافر لأن الأسفار مظنات الافتقار، فالحاصل انه سبحانه لم يرزأكم من المغنم شيئاً، فاعرفوا فضله عليكم ألاً بالإنعام بالنصر، وثانياً بحل المغنم، وثالثاً يالإمكان من الأربعة الأخماس، ورابعاً برد الخمس الخامس فيكم، فاشتعلوا بشكره فضلاً عن أن تفعلوا من المنازعة في المغنم فعل القاطع بالاستحاق، اعلموا ذلك علم المصدق المؤمن المذعن لما علم لتنشأ عنه ثمرة العمل ) إن كنتم ( صادقين في أنكم ) آمنتم بالله ) أي الذي لا امر لأحد معه ) وما ( اي ويالذي ) انزلنا ) أي إنزالاً واحداً سريعاً لأحل التفريج عنكم من القرآن والجنود والسكينة في قلوبكم وغير ذلك مما تقدم وصفه ) على عبدنا ) أي الذي يرى دائماً ان الأفعال كلها لنا فلا ينسب لنفسه شيئاً إلا بنا ) يوم الفرقان ) أي يوم بدر الذي جعلنا لكم فيه عزاً ينفذ به أقوالكم وأفعالكم في فصل الأمور ولما وصفه سبحانه بالفرقان تذكيراً لهم بالنعمة، بينه بما صور حالهم إتماماً لذلك - أو ابدال منه - فقال :( يوم التقى ) أي عن غير قصد من الفرقين بل بمخص تدبير الله ) الجامعين ) أي اللذان احدهما أنتم وكنتم حين الترائي - لولا فضلنا - قاطعن بالموت، وثانيهما أعداؤكم وكانوا على اليقين بأنكم في قبضتهم، وذلك هو الجاري على مناهج العوائد، ولو قيل : يوم بدر، لم يفد هذه الفوائد