صفحة رقم ٢٤٢
سبحانه عليه من الخصال الحميدة والأخلاق السديدة فاسلم كل من اشتملت عليه جزيرتهم بعد وقائع في زمان النبي ( ﷺ ) وزمان الردة، ولم تبلغ قتلاهم فيما أظن عشرة الآف إنسان، ثم لما جاهدوا الأعاجم من فارس والروم وغيرهم كانت قتلى الكفار تبلغ في المعركة الواحدة مائة ألف ومائتي الف - كما هو مشهور في كتب الفتوح للمدائني وسيف وابن عبد الحكم والبلاذري وغيرهم، وقد جمع أشتات ذلك الحافظ أبو الربيع بن سالم الكلاعي وشيخة ابن حبيش، ولعله حذف في الثانية التقييد بالكفار ليشمل كا ما استحق القتال من البغاة وغيرهم، فقال تعالى مسبباً عن التخفيف المذكور راداً الأمر من إيجاب مصابرة عشرة إلى الأمر بمصابرة الضعف، فإن زاد العدد على الضعف جاز الفرار والصبر أحسن :( فإن يكن منكم مائة صابرة ) أي الصبر هو كل التنبيه عليه ) يغلبوا مائتين ) أي من غيركم بإذن الله ) وإن يكن منكم الف ) أي على النعت المذكور وهو الصبر ) يغلبوا الفين ( ثم ارشد إلى ان المراد بالصبر هو كل المأمور به في آية
٧٧ ( ) إذا لقيتم فئة فاثبتو ( ) ٧
[ الأنفال : ٤٥ ] فقال :( بإذن الله ) أي بإرادة الذي له جميع الأمر، ذلك وإباحة لكم وتمكينه، فإن لم يقع الإذن دليلاً على حذفه أولاً ؛ ثم نبه على عموم الحكم بقوله :( والله ) أي المحيط بصفات الكمال ) مع الصابرين ( اي بنصره ومعونتع، ومن ثم قال ابن شبرمة : وأنا أرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كذلك.
زمادة ( إذن ) - مهموزة وغير مهموزة وواوية ويائية بتقاليبها الأربعة : إذن ذان ذون ذين - ترجع إلى العلم الناشئ عن حاسة السمع المتعلق بجارحة الأذن، وتارة يثمر الإباحة وتارة المنع، فأذن بالشيء - كسمع : علم به ( فأذنوا بحرب ) أي كونوا على علم من أن حربكم أبيح.
وأذن له بالشيء - كسمع أيضاً : أباحه له، وآذنه الأمر وبه : اعلمه - وزناً ومعنى، فجعله مباحاً له أو ممنوعاً منه، وأذّن فلاناً تاذيناً : عرك أذنه، وأذّنه : رده عن الشرب فلم يسقه، كأن التفعيل فيه للإزالة، وآذن النعل وغيرها : جعل لها أذناً، وفعله بإذني : بعلمي وتمكني، وأذن إليه وله - كفرح : استمع باذنه، اي أباح ذلك سمعه وقلبه، وأذن لراتحة الطعام : اشتهاه كأنه أباحه لنفسه، وآذنه إيذاناً : أعجبه، مثل ذلك سواء، وآذنه ايضاً : منعه، كأنه الهمزة للإزالة، والأذن : الجارحة المعروفة - بضمة وبضمتين - والمقبض والعروة من كل شيء وجبل، لأن كلاً من ذلك سبب للتمكن من حمل ما هو فيه، والأذن : الرجل المستمع القابل كل ما يقال له كأنه لما قبله اباحه ومكنه منه، والأذان : النداء إلى الصلاة لأنه إعلام بإباحتها والمكنةمنها، وتأذن : أقسم وأعلم، وتارة يتأثر عنه إباحة ومكنه من الشيء وتارة منع


الصفحة التالية
Icon