صفحة رقم ٢٤٣
وحرمة، فيكون من الإزالة، وآذن العشب : بدأ يجف فبعضه رطب وبعضه يابس كأنه أمكن من جره وجمعه ببدو صلاحه، والآذن : الحاجب، لأنه للتمكن والنمع، والأذنة محركة : صغار الإبل والغنم كأنها تبيح كل أحد ما يريد منها، وطعام لا أذنة له : لا شهوة لريحة، فكأنه ممنوع منه لعدم اشتهائه، وتأذن الأمير في الناس : نادى فيهم بتهدد، فهو يرجع إلى المنع والزجر عن شيء تعزيراً، والذين - بالكسر والياء : العنب، وكذا الذان - بالألف منقلبة عن واو : العنب، كأنه لسهولة تناوله ولذة مطعمه أمكن من نفسه، والتذوّن - ب بالواو مشددة : الغنى والنعمة، كأنهما سبب للإمكان مما يشتهي، والذؤنون - مهموزاً كزنبور : نبت من نبات الأرض ؛ والمعنى أنه إنما أذن لكم في ذلك إذا فعلتم الشرط المذكور لأنكم فقهتم على الحرب وبنيتم أمركم فيه على دعائمها الخمس التي ملاكها والداخل في كل منها الصبر، فكان الله معكم، وهو مع كل صابر هذا الصبرالمثبت في الدعائم الخمس في كل أوان، ومما يسأل عنه في الآية أنه ابتدئ في العشرات بثاني عقودها، وفي المئات والآلاف بأولها.
سالت شيخاً الإمام انتفى وعلم محقق زمانه شمس الدين محمد بن علي القاياتي قاضي الشافعية بالديار المصرية : ما حكمته ؟ فقال : الأصل الابتداء بأول العقود، لكن لو قيل : إن يكم منكم عشرة صابرة يغلبوا مائة، لربما توهم انه لا تجب مصابرة الواحد للعشرة إلا عند بلوغ المؤمنين هذا العقد، فعدل إلى الابتداء بثاني عقود هذه المرتبة لينتقي هذا المحذور، فلما انتقى وعلم أنه يجب مصابرة كل واحد لعشرة، ذكر باقي المراتب في الباقي على الأصل المعتاد، وأما تكرير المعنى الواحد وهو مقاومة الجماعة لأكثر منها مرتين : قبل التخفيف وبعده فللدلالة - كما قال في الكشاف - على أن الحال مع القلة والكثرة واحدة لا تتفاوت وإن كان قد يظن تفاوته، وكأنه لم يذك الآحاد بشارة بكثرة هذه الأمة واجتماعها وبدأ بالعشرات وختم بالألوف ليستوفي مراتب الأعداد الأصلية - والله أعلم ولما تقدم الأمر بالإثخان في ) فشردبهم ( ثم بإعداد القوة، ثم التحريض على القتال بعد الإعلام بالكفاية ثم إيجاب ثبات الواحد لعشرة ثم إنزال التخفيف إلى اثنين ؛ كذن ذلك مقتضياً للإمعان في الإثخان، فحس عتاب الأحباب في اختيار غير ما أفهمه هذا الخطاب، لكون ذلك أقعد في الامتنان عليهم بالعفو والغفران بسبب أن أكثرهم مال إلى الفداء الأساري فإن النبي ( ﷺ ) استشارهم فيهم فاشار أبو بكر رضي الله عنه بالمفاداة ومال معه الأكثر، وأشار عمر رضي الله عنه بضرب أعناقهم، وروري أنه قال ( ﷺ ) ( لو نزل من السماء عذاب - اي في هذا - ما نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ ) رضي الله