صفحة رقم ٢٤٤
عنهما.
فقال تعالى استئنافاً واستنتاجاً :( ماكان ) أي ما صح وما استقام ) لنبي ( اي في شرع نبي الأنبياء مستقل ولا مقر، ولعله عبر بوصف النبوة ليفيد مع العموم أن كلاً من رفعه القدر والإخبار من الله يمنع من الإقدام على فعل بدون إذن خاص ) أن يكون له أسرى ) أي أن ياح له أسر العدو ) حتى يثخن في الأرض ) أي يبالغ فيقتل أعدائه، فهو عتاب لمن أسر من الصحابة غير من نهى النبي ( ﷺ ) عن قتله من المشركين أو رضي بذلك، وإنما أسند إلى نبي - وقرئ شاذاً بالتعريف - ولم يقل : ما كان في شرع نبي، تهويلاً للأسر تعظيماً للعفو للمبالغة في القيام بالشكر، وهذا كان يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله سبحانه وتعالى ) ) فإما منّاً بعد وإما فداء ( ) [ محمد : ٤ ] قاله ابن عباس رضي الله عنهما، ومادة ثخن تدور على الضخامة، وتارة يلزمها اللين والضعف، وتارة الصلابة والقوة، فحقيقته : يبالغ في القتل فيغلط أمره فيقوى، ويلين له أعداؤه ويضعفوا ؛ ثم بين لهم ان الميل عن ذلك إنما هو لإرداة الأعراض الدنيوية المبكت به اليهود في آخر التي قبلها بقوله تعالى ) ) يأخذون عرض هذا الأدنى ( ) [ الأعراف : ١٩٦ ] كما ان النزاع في الأنفال ميل إلى الدنيا، وكل ذلك بمعزل عن معالي الأخلاق وكرائم السجايا، معللاً لعدم الكون المذكور بما تقديره : لأن الأسر إنما يراد به الدنيا، هكذا الأصل ولكنه ابرز في اسلوب الخطاب لأنه أوقع في النفس فقال :( تردون ) أي أنها المؤمنون المرغبون في الأنفاق لا في الجمع، باستبقائهم ) عرض الدنيا ( قال الراغب : العرض ما لا ثبات له، ومنه استعارة المتكلمون لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون، وقال ابن هشام في تهذيب السيرة، أي المتاع الفداء بأخذ الرجال ) والله ) أي الذي له الكمال كله ) يريد ) أي لكم ) الاخرة ( اي جوهرها لأنه يأمر بذلك لأمراً هو في تأكيده ليمتثل كالإدراة التي لا يتخلف مرادها، وذلك بالإثخان في قتلهم لظهور الدين الذي تريدون إظهاره والذي به تدرك الآخرة، ولا ينبغي للمحب أن يريد إلا ما يريد حبيبه ) والله ) أي الملك العظم ) عزيز ) أي منزه جنابه العلي عن لحاق شيء مما فيه ادنى سفول ) حكيم ) أي لا يصدر عنه فعل إلا وهو في غاية الإتقان فهو يامر بالإثخان عند ظهوره قوة المشركين، فغذا ضعفت وقوي المسلمون فأنتم بالخيار، ولا يصح ادعاء ولا يته إلا لمن ترقى في معارج صفاته، فيكون عزيزاً في نفسه فلا يدنسها بالأطماع الفانية، وفعله فلا يحطه عن أوج المعالي إبى حضيض المهاوي، وحكيماً فلا ينشأ عنه فعل إلا وهو في غاية الإتقان.
الأنفال :( ٦٨ - ٧١ ) لولا كتاب من.....
) لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُمْ مِّنَ