صفحة رقم ٢٦١
أعظم التحام، ثم عاد الكلام إلى حكم المنافقين وهتك أستارهم، انتهى. وأما تطابق آخر الأنفال مع أولها فقد ظهر مما مضى، وأيضا فلما ذكر في آخر التي قبلها أمر العهد تارة بنبذه إلى من خيفت خيانته كائنا من كان يفي قوله ) فانبذ إليهم على سواء ) [ الأنفال : ٥٨ ] وتارة بالتمسك به عند الأمن من ذلك في وقه ) إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ) [ الأنفال : ٧٢ ] وبين من يصلح للموالاة ومن لا يصلح، وختمت بالإخبار بشمول علمه، ابت
ئت هذه السورة بالأمر بالنبذ إى ناس بأعيانهم نقضوا أو خيف منهم ذلك وذلك تصريح بما أفهمته آيات الموالاة في التي قبلها من أن إحدى الفرقتين لا تصلح لموالاة الأخرى فقال تعالى :
التوبة :( ١ - ٢ ) براءة من الله.....
) بَرَآءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ( ( )
براءة ) أي عظيمة، ثم وصفها بقوله :( من ) أي حاصلة واصلة من ) الله ( المحيط بصفات الكمال، فهو العالم بمن يستحق الولاية ومن يستحق البراءة ) ورسوله ( اي المتابع لمر لعلمه به.
ولما كانوا قد توقفوا في الحديبة كلهم أو كثير منهم تارة في نفس العهد وتارة في التأخر عن الأمر بالحلق، ثم تابعوا في كل منهما، وكان الكفار بمحل البعد عن كل خير، أشار إلى ذلك بأداة الغاية، وجعل الرسول ( ﷺ ) مع الله إشارة إلى أنه لا يخالفه أصلاً، وأسندت المعاهدة إليهم إشارة إلى ذلك التوقف تحذيراً من أن يقع مثله، فقال مخبراً عن النبذ الموصوف :( إلى الذين عاهدتم ) أي أوقعتم العهد بينكم وبينهم ) من المشركين ) أي وإن كانت معاهدتكم لهم إنما كانت بإذن من الله ورسوله، فكما فعلتم المعاهدة بإذنهما فافعلوا النقض تبعاً لهما، ودل سياق الكلام وما حواه من بديع الانتظام ان العهد إنما هو لأجل المؤمنين، وأما الله ورسوله لأنه ما فعل ذلك به إلا وهو قادر على نصره بسبب وبغير سبب، وعلم أن ذلك فيمن نقض أو قارب من قوله بعد ) الاالذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقضوكم شيئاً ( - الآية ؛ قال البغوي : لما خرج رسو الله ( ﷺ ) إلى تبوك كان المنافقون يرجفون الأراجيف، وجعل المشركون ينقضون عهوداً كانت بينهم وبين رسول الله صبى الله عليه وسلم، فأمر الله بنقض عهودهم وذلك قوله تعالى ) ) وإماتخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم ( ( الأنفال : ٥٨ ] انتهى.
وذكر ذلك ابن غسحاق وغيره، ولعله اطلق هنا ولم يقيد ممن خيخ نقضه ليكون ذلك اول السورة مؤذناً بان الخيانة وهو النقض سأن أكثرهم ولا سيما مشركو قريش، وهم - لكون قريش رؤوس


الصفحة التالية
Icon