صفحة رقم ٢٧
ولما كان من المعلوم أن ما كانوا الفوه واتخذوه ديناً يستعظمون تركه، لأن الشيطان يوسوس لهم بأنه توسع الدنيا، والتوسع فيها مما ينبغي الزهد فيه كما دعا غليه كثير نت الآيات، اكد سبحاته الإذن في ذلك بالإنكار على من حرمه، فقال منكراً عليهم إعلاماً بأن الزهد الممدوح ما كان مع صحة الإعتقاد في الحلال والحرام وأما ما كان مع تبديل شيء من الدين بتحليل حرام أو عكسه فهو مذموم :( قل ( منكراً موبخاً ) من حرم زينة الله ( أ ي الملك الذي لا امر لأحد معه ) التي أخرج لعباده ) أي ليتمتعوا بها من الثياب والمعادن وغيرها. ولما ذكر الملابس التي هي شرط في صحة العبادة على وجه عم غيرها من المراكب وغيرها، أتبعها المآكل والمشارب فقال :( والطيبات ( اب من الحلال المستلذ ) من الرزق ( كالبحائر والسوائب ونحوها ؛ ولما كان معنى الإنكار : لم يحرمها من يعتبر تحريمه بل أحلها، وكان ربما غلا في الدين غال تمسكاً بالآيات المنفرة عن الدينا المهونة لشأنها مطلقاً فضلاً عن زينة وطيبات الرزق، قال مستأنفاً لجواب من يقول : لمن ؟ :( قل هي ) أي زينة والطيبات ) للذين آمنوا ( وعبر بهذه العبارة ولم يقل : ولغيرهم، تنبيهاً على أنها لهم بالأصالة ) في الحياة الدنيا ( في التمتع بها أكثر، فهي غير خالصة لهم وهي للذين آمنوا ) خالصة ) أي لا يشاركهم فيها أحد، هذا على قراءة نافع بالرفع، والتقدير على قراءة غيره : حال كونها خالصة ) يوم القيامة ( وفي هذا نأكد لما مضى منإحلالها بعد تاكد ومحور الشكوك، وداعية للتأمل في الفصل بين المقامين لبيان أن الزهد المأمور به إنما هو بالقلب بمعنى أنه لا يكون للدنيا عنده قدر ولا له إليها التفات ولا هي اكبر همه، وأما بالقلب بمعنى انه لا يكون للدنيا عنده قدر ولا له إليها التفات ولا هي أكبر همه، واما كونها ينتفع بها فيما أذن الله فيه وهي محقورة غير مهتم بها فذلك من المحاسن ولما كان هذا المعنى من دقائق المعاني ونفائس المباني، أتبعه تعالى قوله جواباً لمن يقول : إن هذا التفصيل فائق فهل يفصل غيره هكذا ؟ ) كذلك ) أي مثل هذا التفصيل البديع ) نصل الايات ) أي نبين أحكامها ونميز بعض المشبهات من بعض ) لقوم يعلمون ) أي لهم ملكة وقابلية للعلم ليتوصلوا به إلى الإعتقاد الحق والعمل الصالح