صفحة رقم ٢٧٠
الحسن قال : إنما سمي الحج الأكبر لأنه حج أبو بكر رضي الله عنه الحجة التي حجها، واجتمع فيها المسلمون والمشركون، ووافق ذلك عيد اليهود والنصارى - ولما أعلم سبحانه بالبراءة عنها، سبب عنها مرغباً مرهباً قوله التفاتاً إلى الخطاب :( فإن تبتم ) أي عن الكفر والغدر ) فهو ( اي ذلك الأمر العظيم وهو المتاب ) خير لكم ) أي لأنكم تفوزون في الوفاء بالأمان في الدنيا، وفي الإسلام بالسلامة في الدارين.
ولما كانت التوبة محبوبة بالطبع لما لها من النفع قال :( وإن توليتم ) أي كلفتم أنفسكم خلاف ما يشتهي من التوبة موافقة للفطرة الأولى، وأصررتهم على الكفر والغدر اتباعاً للهوى المكتسب من خباثة الجبلة ورداءة الأخلاط التي قعدت بالوح عن أوجها الأول غلى لأنكم الحضيض الأسفل ) فأعلموا ) أي علماً لا شبهة فيه ) أنكم غير معجزيالله ) أي لأن له صفات الكمال من الجلال والجمال، والالتفات هنا مثله في ) فسيحوا ( والإشارة به إلى ما ذكر في ذلك.
ولما واجههم بالتهديد، أعرض عنهم وجه الخطاب تحقيراً لهم مخاطباً لأعلى خلقه مبشراً له في أسلوب التهكم بهم، فقال عاطفاً على ما تقديره : فبشر الغادرين بالخدلان، أو فبشر التائبين بنعيم مقيم :( وبشر الذين كفروا ) أي أوقعوا هذا الوصف ) بعذاب أليم ) أي في الدنيا والآخرة أو فيهما.
ولما أعلمهم بالبراءة وبالوقت الذي يؤذن بها فيه، وكان معنى البراءة منهم أنه لا عهد لهم، استثنى بعض المعاهدين فقال :( إلا الذين عاهدتم ) أي أوقعتم بينكم وبينهم عهداً ) من المشركين ثم ) أي بعد طول المدة اتصفوا بأنهم ) لم ينقصوكم شيئاً ) أي لخزاعة حلفاء النبي ( ﷺ ) ) ولم يظاهروا ) أي يعانوا معاونة تظهر ) عليكم أحداً ) أي من أعدائكم كما ظاهرت قريش حلفاءهم من بني الدليل على حلفائكم من خزاعة ) فاتموا ( واشار إلى بعدهم عن الخير بحرف الغاية فقال :( إليهم عهدهم إلى مدتهم ) أي وإن طالت ؛ قال البغوي : وهم بنو ضمرة حي من كنانة، وكان قد بقي من عهدهم تسعة أشهر، وكان السبب فيه أنهم لم ينقضوا ؛ وقال النحاس : ويقال : إن هذا مخصوص يراد به بنو ضمرة خاصة ؛ وقال أبو محمد البستي : حدثنا قتيبة قال : ثنا الحجاج عن ابن


الصفحة التالية
Icon