صفحة رقم ٢٧١
جريج عن مجاهد قال : كان بين بني مدلج وخزاعة عهد، وهم الذين قال الله ) فاتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ( ولما كانت محافظتهم على عهدهم من افراد التقوى، وكان الأمر بالإحسان إلى شخص من أفعال المحب، قال تعالى معللاً :( إن الله ) أي الذي له صفات الكمال ) يحب المتقين ) أي يفعل بهم وبكم افعال المحب، فهو قول حاث للكل على التقوى، وكل ينزله على ما يفهم، فهو من الإعجاز الباهر.
ولما قرر أمر البراءة إثباتاً ونفياً، أمر بما يصنع بعد ما ضربه لهم من الأجل فقال :( فإذا ) أي فتسبب عن ذلك انه إذا ) انسلخ ) أي انقضى وانجرد وخرج ومضى ) الأشهر الحرم ) أي التي حرمت عليكم فيها قتالهم وضربتها أجلاً لسياحتهم، والتعريف فيها مثله
٧٧ ( ) فارسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول ( ) ٧
[ المزمل : ١٦ ] ) فاقتلوا المشركين ) أي الناكثين الذين ضربتم لهم هذا الأجل إحساناً وكرماً ؛ قال البغوي : قال الحسن بن الفضل : هذه الاية تنسخ كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء - انتهى.
ومعنى ) حيث وجدتموهم ) أي في حل أو حرم في المسجد والتصرف في بلاد الإسلام وكل مقصد ) واقعدوا لهم ) أي لأجلهم خاصة فغن ذلك من افضل العبادات ) كل مرصد ( اي ارصدوهم وخذوهم بكل طريق يمكن ولو على غرة أو غتيالاً من غير دعوة، وانتصابه على الظرف لأن معنى اقعدوا لهم : ارصدوهم، ومتى كان العامل في الظرف المختص عاملاً من لفظه أو من معناه جاز أن يصل إليه بغير واسطة ( في ) فكما يتعدى الفعل إلى المصدر من غير لفظه إذا كان الترصد فكذلك إلى الظرف - ذكره أبو حيان، والتعبير بالقعود للارشاد إلى التأني، وفي الترصد والاستقرار والتمكن وإيصال الفعل إلى الظرف إشارة إلى أن يشغلوا في الترصد كل جزء من أجزاء كل مرصد إن قدروا على ذلك بخلاف ما لو عبر ب ( في ) فإنه إنما يدل على شغل كل مرصد الصادق بالكون في موضع واحد منه أيّ موضع كان.
ولما أمر تعالى بالتضييق عليهم، بين ما يوجب الكف عنهم فقال :( فإن تابوا ) أي عن الكفر ) وأقاموا ) أي وصدقوا دعواهم التوبة بالبينه العادلة بأن أقاموا ) الصلاة وآتوا الزكاة ) أي فوصلوا ما بينهم وبين الخالق وما بينهم وبين الخلائق خضوعاً لله تعالى وتركاً للفساد ومباشرة للصلاح على الوجه الذي امر به رسول الله ( ﷺ )، فإذا وجد هذان الشاهدان العدلان ) فخلوا ) أي بسبب ذلك ) سبيلهم ) أي بأن لا تعرضوا لشيء