صفحة رقم ٢٨١
بعدها متوقع كائن ) يعلم الله ) أي المحيط بجميع صفات الكمال ) الذين جاهدوا منكم ) أي علما ظاهرا تقوم به الحجة عليكم يفي مجاري عاداتكم على مقتضى عقولكم بأن يقع الجهاد في الواقع بالفعل.
ولما كان المعنى : جاهدوا مخلصين، ترجمه وبسطه بقوله :( ولم ) أي ولما يعلم الذين لم يتخذوا ( ويجوز أن يكون حالا، ودل على تراخي الرتب عن مكانته سبحانه بقوله :( من دون الله ) أي الذي لا يعدل عنه ويرغب في غيره من له أدنى بصيرة - كما دل عليه الافتعال - لأنه المنفردج بالكمال، وأكد النفي بتكرير ) لا ( فقال :( ولا رسوله ) أي الذي هو خلاصة خلقه ) ولا المؤمنين ) أي الذين أصطفاهم من عباده ) وليجة ) أي بطانة تباطنونها وتسكنون إليها فتلج أسراركم وأسرارها إليكمن ن فإن الوليجة كل شيء أدخلته في شيء ليس منه، والرجل يكون في قوم وليس منهم وليجة، فوليجة الرجل من يختصه بدخيلة أرمه دون الناس، يقال : هو وليجتي وهم وليجتي للواحد والجمع نقل ذلك البغوي عن أبي عبيدة وقال أبن هشام وليجة : دخيلا، وجمعها ولائج، يقول : لم يتخذوا دخيلا من دونه يسرون إليهفير ما يظهرون نحو ما يصنع المنافقون، يظهرون الإيمان للذين آمنوا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا : إنا معكم، والحاصل أنه لا يكون الترك بدون علم الأمرين حاصلين، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم، فالمعنى : ولما يكن مجاهدون مخلصون.
ولما كان ظاهر ذلك مظنة أ، يتمسك به من لم يرسخ قدمه في المعارف، ختم بقوله :( والله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة ) خبير بما تعلمون ) أي سواء برز إلى الخارج أو لا.
ولما حذرهم من اتخاذ وليجة من دونه، شرع يبين أن الوليجة التي يتخذها بعضهم لا تصلح للعاطفة بما اتصفت به محاسن الأعمال ما لم توضع تلك المحاسن على الأساس الذي هو الإيمان، فقال سائقا له مساق جواب قائل قال : إن فيهم من أفعال الخير ما يدعو إلى الكف عنهم من عمارة من عمارة المسجد الحرام وخدمته وتعظيمه ) ما كان للمشركين ( عبر بالوصف دون الفعل لأن جماعة ممن أشرك أسلم بعد ذلك فصار أهلا لما نفي عنهم ) أن يعمروا مساجد الله ) أي وهو المنزه بإحاطته بصفات الكمال، قال البغوي : قال الحسن : ما كالن للمشركين أن يتركوا فيكونوا أهل المسجد الحرام، ثم قال في توجيه قراءة الجمع : قال الحسن : إنما قال : مساجد الله، لأنه قبلة المساجد كلها - يعني فعامره عامر جميع المساجد، ويجوز أن يراد الجنس، وإذا لم يصلحلوا لعمارة الجنس دخل المسجد الحرام لأنه صدر الجنس، وذلك آكد لأنه


الصفحة التالية
Icon