صفحة رقم ٢٩٧
فأمره ان يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة : فاذن معنا عليّ يوم النحر في أهل منى ببراءة وان لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. وهذه سنة قديمة فقد امر الله تعالى بني إسرائيل في غير موضع من التوارة بأن لا يبقوا في جميع بلاد بيت المقدس احداً من المشركين بخلاف غيرها من البلاد التي يفتحها الله عليهم، منها ما قال المترجم في أواخر السفر الخامس : وإذا تقدمتم إلى قرية أو مدينة لتقابلوا اهلها ادعوهم إلى الصلح، فإن قبلوه وفتحوا لكم من كان فيها من الرجال يكونوا عبيداً لكم يؤدوا إليكم الخراج، وإن لم يقبلوا الصلح وحاربوكم فحاربوهم وضيقوا عليهم فإن الله ربكم يدفعها إليكم وتظفرون بمن فيها، فإذا ظفرتم بمن فيها فاقتلوا الذكور كلهم بالسيف، كذلك اصنعوا بجميع القرى البعيدة النائية التي ليست من قرى هذه الشعوب فأما قرى هذه الشعوب التي يعطيكم الله ميراثاً فلا تبقوا من أهلها احداً ولكن اقتلوهم قتلاً كالذي أمركم الله ربكم لئلا يعلموكم النجاسة التي يعلمونها لآلهتهم، ومثل ذلك كثير فيها، وقد مضى بعده فيما ذكرته عن التوارة.
والله الموفق، وجملة بلاد الإسلام في حق الكفار ثلاثة اقسام : احدها الحرم، فلا يجوز للكافر أن يدخله بحال لظاهر هذه الآية، الثاني الحجاز وما في حكمه وهو جزيرة العرب، فيدخله الكافر بالإذن ولا يقيم أكثر من مقام السفر ثلاثة أيام لأن النبي ( ﷺ ) قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وهي من اقصى عدن أبين، وهي في الجنوب إلى أطراف الشام وهي في الشمال طولاً، ومن جدة وهي أقصى الجزيرة غرباً على شاطئ بحر الهند إلى ريف العراق وهوفي المشرق عرضاً، والثالث سائر بلاد الإسلام يجوز للكافر الإقامة فيها بذمة وأمان ما شاء، ولكن لا يدخل المساجد إلا بإذن مسلم. ذكر ذلك البغوي، قال ابن الفرات في تاريخه عند غزو بخت نصر لبني إسرائيل ولأرض العرب : إنما سميت بلاع العرب جزيرة لإحاطة البحار والأنهار بها، فصارت مثل الجزيرة من جزائر البحر، وذلك ان الفرات أقبل من بلاد الروم وظهر من ناحية قنسرين ثم انحط على الجزيرة وسواد العراق حتى وقع في البحر من نحاحية البصرة والأبلة وامتد البحر من ذلك الموضع مطيفاً ببلاد العرد، فأتى منه عنق على كاظمة وتعدى إلى القطيف وهجر وعمان والشجر، ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبهر وعدن، واستطال ذلك العنق فطعن في تهامة اليمن ومضى إلى ساحل جدة، وأقبل النيل في غربي هذا العنق من أعلى بلاد السودان مستطيلاً معارضاً


الصفحة التالية
Icon