صفحة رقم ٣٠٣
عليهم ويسندون أمرهم إليهم حتى أن كانوا ليتبعونهم في الحلال والحرام ) المسيح ) أي المبارك الذي هو أهل لأن المسيح بدهن القدي وأن يمسح غيره ) ابن مريم ( اي اتخذوه كذلك لكونهم جعلوه ابناً فأهلوه للعبادة بذلك مع كونه والشرب وغير ذلك من أحوال البشر الموجبة للحاجة المنافية للإلهية، ومع تصريحه لهم بأنه عبد الله ورسوله، فتطابق العقل والنقل على أنه ليس بإله.
ولما قبح عليهم ما اختاروه لأنفسهم، قبحه عليهم من جهة كخالفة لأمره تعالى فقال :( وما ) أي فعلوا ذلك والحال انهم ما ) أمروا ) أي من كل من له الأمر من أدلة العقل والنقل ) إلا ليعبدوا ( اي ليطيعوا على وجه التعبد ) إلهاً واحداً ) أي لا يقبل القسمة بوجه لا بالذات ولا بالمماثلة، وذلك معنى وصفة بأنه ) عما يشركون ( في كونه معبوداً أو مشروعاً ؛ ذكر أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستي القاضي في تفسيره وغيره عن عدي ابن حاتم رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى اله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال : اقطعه، فقطعته ثم اتيته وهويقرأ سورة براءة ) اتخذوا احبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله المسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ( قلت : يا رسول إنا لم نكن نعبدهم قال : أجل.
أليس كانوا يحلون لكم ما حرم الله فتستحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله فتحرمونه ؟ قلت : بلى، قال : تلك عبادتهم.
ولما هي سبحانه أمرهم من جهة استنادهم، زاد توهية من جهة مرادهم بالإعلام بأنهم بقتالهم لأهل الطاعة إنما يقاتلون الله وأنه لا ينفذ غرضهم بل يريد غير ما يريدون، ومن المقرر أنه لا يكون إلا ما يريد، فقال مستأنفاً أو معللاً لما مضى من أقوالهم وأفعالهم :( يريدون أن يطفئوا ( اي بما مضى ذكره من أحوالهم ) نور الله ( اي دين الملك الأعلى الذي له الإحاطة العظمى، وشرعه الذي لعباده على ألسنة الأنبياء


الصفحة التالية
Icon