صفحة رقم ٣١١
وعلى هذا التفسير الذي فسرناه قد يكون قوله ) يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ( مصدقاً له لأنهم إذا حرموا العام المحرم وفي قابل صفراً ثم احتاجوا بعد ذلك إلى تحليل صفر أيضاً أحلوه وحرموا الذي بعده، فهذا تاويل قوله في التفسير، يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً. وقال أبو حيان في النهر ما حاصله : كانت العرب لا عيش لأكثرها إلا من الغارات، فيشق عليهم توالي الأشهر الحرم، وكان بنو فقيم أهل دين وتمسك بشرع إبراهيم عليه السلام، فانتدب منهم القلمس وهو حذيفة بن عبيد بن فقيم، فنسأ الشهور للعرب، ثم خلفه علىذلك ابنه عباد ثم خلفه ابنه قلع ثم خلفه ابنه أمية ثم خلفه ابنه عوف ثم ابنه جناده بن عوف وعليه قام الإسلام، كانوا إذا فرغوا من حجهم جاء إليه من شاء منهم مجتمعين فقالوا : انسئنا شهراً، فيحل المحرم، ثم يلزم حرمة صفر ليوافقوا عدة الأشهر الأربعة ويسمون ذلك الصفر المحرم ويسمون ربيعاً الأول صفراً وربيعاً الآخر ربيعاً الأول - وهكذا سائر الشهور، فيسقط على هذا حكم المحرم الذي حلل لهم، وتجيء السنة من ثلاثة عشر شهراً أولها المحرم الذي هو في الحقيقة صفر ؛ وقال البغوي : قال مجاهد : كانوا يحجون في كل شهر عامين وكذلك في الشهور، فوافقت حجة أبي بكر السنة الثانية من ذي القعدة، ثم حج النبي ( ﷺ ) في العام المقبل حجة الوادع، فوافق حجه اشهر الحج المشروع وهو ذو الحجة، وقال عبد الرزاق في تفسيره : اخبرنا معمرعن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ) إنما النسيء زيادة في الكفر ( قال : فرض الله الحج في ذي الحجة، فكان المشركون يسمون الشهر : ذا الحجة والمحرم وصفر وربيع وربيع وجمادى وجمادى ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذا القعدة وذا الحجة، ثم يحجون فيه مرة أخرى، ثم يسكتون عن المحرم ولا يذكرونه، فيسمونه - أحسبه قال - المحرم صفر، ثم يسمون رجب بجمادى الآخرة، ثم يسمون شعبان رمضان، ورمضان شوالاً.
ثم يسمون ذا القعدة شوالاً.
ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة، ثم يسمون المحرم ذا الحجة ثم يحجون فيه، واسمه عندهم ذو الحجة، ثم عادوا كمثل هذه الصفة فكانوا يحجون عامين في كل شهر حتى وافق حجة أبي بكر الاخر من العامبين في ذي القعدة، ثم حج النبي ( ﷺ ) حجته التي حج، فوافق ذلك ذا الحجة، فلذلك يقول النبي ( ﷺ ) في خطبيته ( إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض ) وقال ابن إسحاق في السيرة ؛ سألت ابن أبي نجيح عن قول رسول الله ( ﷺ ) فقال ؛ كانت قريش يدخلون في كل سنة شهراً، وإنما كانوا يوافقون ذا الحجة كل اثنتي عشر سنة مرة،