صفحة رقم ٣١٢
فوفق الله عز وجل الرسول ( ﷺ ) في حجته التي حج ذا الحجة، فحج فيها فقال رسول الله ( ﷺ ) ( إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض ) فقلت لابن أبي نجيح : فكيف بحجة أبي بكر وعتاب بن اسيد ؟ فقال : على ما كان الناس يحجون عليه، حتى يبلغوا اثنى عشر شهراً - انتهى.
وقوله هذا يوهم أن في حج أبي بكر وعتاب رضي الله عنهما اختلالاً، وتقدم عن المهدوي وغيره التصريح بانه كان في ذي القعدة - وفيه نظر - لت السنة التي حج فيها أبو بكر رضي الله عنه نودي فيها بتحريم النسيء وغيره من أمور الجاهلية، فلا شك أنه لم يكن في ذلك العام غنساء، ولما مضى من الشهر الذي حج فيه عشرة أشهر، وكان الحادي عشر وهو ذو القعدة سار النبي ( ﷺ ) في اواخره إلى الحج موافياً لهلال ذي الحجة، فلما وقف بعرفة أخبر أن الزمان قد استدار، فعلم قطعاً بالمسلمين، وذلك لأن النبي ( ﷺ ) واصحابه رضي الله عنهم لم يكونوا يعتبرون حساب أهل الجاهلية لا نسأتهم، لأنه يلزم من القول بأنهم اعتبروا امر النسأة أنهم اعتبروا ماهو زيادة من الكفر، وهذا ما لا يقوله ذو مسكة، وقد تقدم النقل ان االنبي ( ﷺ ) ارسل أبا بكر رضي الله عنه غلى الحج في أواخر ذي القعدة أو بعد انقضائه من سنة تسع، ووافاه العرب في ذي الحجة : الكفار وغيرهم، فوقع إعلامهم ببراءة في أيام الحج وأماكنه، فلو كان حصل في سنة عتاب اختلال في ذي القعدة بنسيء لكان ذو الحجة بحساب الكفار وهو المحرم بحساب الإسلام، فكان يتأخر مجيء الكفار للحج عن مجيء المسلمين، فثبت بهذا ايضاً ان حجه رضي الله عنه كان في ذي الحجة، فحفظ الله أهل الإسلام من أن يقع في حجهم اختلال في سنة من السنين، وما هي بأول نعمة عليهم - والله الموفق ؛ وقال الإمام أبو العباس أحمد بن أبي أحمد المشهور بابن القاص من أكابر متقدمي اصحاب الشافعي رحمه الله في كتابه دلائل القبلة في باب معرفة عدد أيام السنة : فالسنة اثنا عشر شهراً بالأهلية، وربما كان الشهر ثلاثين وربما كان تسعاً وعشرين، فمبلغ السنة الهلالية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً وثماني ساعات واربعة أخماس وقالت الهند : السنة ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وست ساعات وخمس ساعة وجزء من أربعمائة جزء من ساعة، وذلك من دخول الشمس برأس الحمل إلى ان تدخل فيه من قابل، ففضل ما بين الستة الهلالية والسنة الشمسية عشرة أيام وإحدى وعشرون ساعة وخمسا ساعة، فغذا زيدت عليها هذه الساعات والأيام استقام حسابه مع دوران الشمس، وكانت العرب تزيده في الجاهليه، وكان الذي أبدع لهم ذلك


الصفحة التالية
Icon