صفحة رقم ٣١٣
رجل من كنانة يقال له القلمس، وذلك انه يجمع هذه الزيادة فإذا تمت شهراً زاده في السنة وجعل تلك السنة ثلاثة عشر شهراً، وسماه بسيئاً، ويحج بهم تلك السنة في المحرم، فأنزل الله تعالى ) إنما النسيء زيادة في الكفر ( فلما كانت السنة التي حج فيها رسول الله ( ﷺ ) حجة الوداع وافق الحج في تلك االسنة ذا الحجة لما أراد الله تعالى بإثبات الحج في تلك السنة، فخطب النبي ( ﷺ ) فقال ( : أيها الناس ألا إن السنة قد استدارت كهيئتها يوم خلق الله السموات والأرض ) ) منها اربعة حرم ذلك الدين القيم ( يعنى به الحساب القيم، فاالحرم رجب جمادى وشعبان، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، فسمي ذلك الحج الأقوم، وقال الشاعر :
وأبطل ذو العرش النسي وقلسما وفاز رسول الله بالحج الأقوم
انتهى والقلمي بفتح اللام وتشديد الميم، فالنسيء في البيت متروك الهمز ليصح الوزن، والأقوام منقول حركة الهمزة، وقوله : إن علة النسيء التطبيق بين السنة الشمسية والقمرية - فيه نظر، والظاهر أن علته ما ذكر في السير من اضطرارهم إلى القتال، وأمر الاستدارة في كل من هذه الأقوال واضح الاستنارة، وليس المراد بها مصادفة كل فصل من فصول السنة لموضعه من الحر والبر، ومصادفة اسم كل شهر لمسماه بحسب اشتقاقه حتى يكون رمضان في شدة الحر مثلاً وكذلك غيره وإن كان الواقع أن الأمر كان في هذه الحجة كذلك، لما تقدم من أن غزوة تبوك كان ابتداؤها في شهر رجب، وكان ذلك كما تقدم في شدة الحر وحين طابت الثمار، وإنما المراد الأعظم بالاستدارة مصادفة اسم كل شهر آخر لأجل الدوران بالنسيء بدليل انه ( ﷺ ) ما ذكر إلا لأجله، فقال في بعض طرق حديث جابر الطويل رضي الله عنه ( إن النسيء زيادة في الكفر، وإن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً ).
فانظر إلى تعقيبه بحصر الأشهر في الاثنى عشر نفياً لجعلهم إياها سنة النسيء ثاثة عشر شهراً، وقال : منها اربعة حرم، وعينها وقال : أيّ شهر هذا ؟ فلما سكتوا قال : ذو الحجة شهر حرام، كل هذا لبيان أن المراد بالاستدارة رجوع كل شهر