صفحة رقم ٣١٤
عما غيره اهل الجاهلية إلى موضعه الذي وضعه الله به موافقاً اسمه لمسماه، وجعلت أشهرنا هلالية مع المنع من النسيء لتحصيل الاستدارة فيحصل بسببها كل عبادة تعبدنا بها من صوم وعيد وحج وغيره في كل فصل من فصول السنة بخلاف من شهوره بالحساب، فغن عباداتهم خاصة بوقت من السنة لا تتعداه - والله الموافق له، وقال القاضي أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستي في تفسيره، حثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوي قال ؛ الشهر الذي انتزعه الله من الشيطان المحرم.
والحاصل أنه لا شك في أن النسيء لم يكن قط إلا للمحرم لما تقدم، وان الحج لم يكن قط في جاهلية ولا إسلام إلا في شهر يسمى ذا الحجة لما قاله نقلة اللغة والحديث والأخبار، قال ابن الأثير في النهاية ونشوان اليمني في شمس العلوم والقزاز في ديوانه وابن مكتوم في ترتيب العباب والمحكم : ذو الحجة بالكسر : شهر الحج، زاد المحكم : سمي بذلك للحج، وقال القزاز ؛ إن الفتح فيه أشهر، وفي النهاية : يوم التروية هو الثامن من ذي الحجة، سمى به لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعده، أي يستقون ويسقون ؛ وقال المجد في القاموس : يوم عرفة التاسع من ذي الحجة، وفي كتاب اسواق العرب لأبي المنذر هشام بن محمد الكلبي رواية أبي سعيد السكري أن عكاظ كانت من اعظم اسواق العرب.
فإذا أهل أهلها هلال ذي الحجة ساروا بأجمعهم إلى ذي المجاز وهي قريب من عكاظ، وعكاظ في أعلى نجد، فأقاموا بها حتى التروية، ووافاهم بمكة حجاج العرب ورؤوسهم ممن أراد الحج بمن لم يكن شهد تلك الأسواق.
قال الأزرقي في تاريخ مكة : فإذا رأوا هلال ذي الحجة انصرفوا إلى ذي المجاز فأقاموا بها ثماني ليال أسواقهم قائمة، ثم يخرجون يوم التروية في ذي المجاز إلى عرفة فيتروون ذلك اليوم من الماء بذي المجاز، وإنما سمي يوم التروية لترويتهم الماء بذي المجاز، ينادي بعضهم بعضاً : ترووا من الماء، إنه لا ماء بعؤفة ولا بالمزدلالفة يومئذ، ثم ذكر أنه لا يحضر ذلك إلا التجار، قال : ومن لم يكن له تجارة فإنه يخرج من أهله متى أراد، ومن كان منن أهل مكة ممن لا يريد التجارة خرج من مكة يوم التروية.
ورور البيهقي في دلائل النبوة بسندة عن عروة وموسى بن عقبة - فرقهما - قالا : وأهل رسول الله ( ﷺ ) بالعمرة من الجعرانة في ذي القعدة، ثم أسند عن ابن إسحاق انه قال : فلما فرغ رسول الله ( ﷺ ) من عمرته انصرف راجعاً إلى المدينة، واستخلف عتاب بن اسيد على مكة وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم، فكانت عمرة رسول الله ( ﷺ ) في ذي القعدة أو في الحجة، وحج الناس تلك السنة على ما كانت العرب يحج عليه، وحج تلك السنة عتاب بن أسيد سنة ثمان، وحديث